عن السوريين النبلاء
الأمس
لن يعودَ أبداً
غير أنّ الصباح آتِ..
ينقل الأصدقاء حكاية مصورة؛ تقول إنّ صالح مصطفى أبو صقر مصياف؛ قاد (الموتور) من قريته (سقبّولي) في طرطوس إلى مدينة جبلة، محملاً بثياب أولاده، ومؤونة بيته، ووزعها لعائلات متضررة من الزلزال، من دون أن يُعير الطقس العاصف أهمية، أو يمنعه برد الطريق من إيصال أمانته دافئ القلب والضمير..
ومثل نبالة (أبو صقر مصياف)؛ ستكثر ملامح الفروسية السورية، لتدوينها في أبهى نبالتها، فعندما تصلُ قافلة المساعدات لأحد حواجز الجيش السوري المتجهة إلى اللاذقية، يطلب منهم أحد الجنود التوقف قليلاً، ليغيب ويعود بعد خمس دقائق، وبيده (كيس رز)، مخاطباً قائد القافلة “هاد جبتوا من بيتي، والله ما عندي غيرو، وأنا عسكري قاعد لحالي، بس قلت أول ما تجي سيارة معها تبرعات بدي اعطيهن هالكيس لساعد فيه العالم”.
وبمثل السيدة أم زياد من محافظة السويداء، ستكون قيامة سورية النبيلة، أم زياد التي حملت جزدانها البني الصغير، وفيه راتبها التقاعدي، وجاءت تتعكز على عصاها لتقول: “خذو مني هذول يا ستي، هذول راتبي التقاعدي وكل شي بملكو، ودوهن ع حلب واللاذقيه كلهن ولادنا يا ستي”.
أما وليد حوري المنقذ فيعثر على كميةٍ كبيرة من المال والمصاغ، فيُبادر، ويسلمها بكل أمانة إلى قسم الشعار بحلب.. وفي حكايات النبلاء السوريين؛ ثمة شابان عريس وعروس، يتبرعان بكل هدياهما وبتكلفة عرسهما، للمنكوبين بالزلزال.. الصيدليات والعيادات والمخابر التي تقدم خدماتها مجاناً، العوائل التي تفتح بيوتها للمنكوبين.. المغتربون السوريون الذين لا يكلون عن مبادرات المساعدة، بنوك الدم التي فاضت فيها دماء المتبرعين.. المبدعون السوريون الذين يتنافسون في التبرع، والشباب السوري المتطوع الذي لا يكلّ في البحث عن الناجين، وحتى صفحات بعض الأصدقاء التي أمست دليلاً لكلِّ محتاج..
وقصص كثيرة نعانيها اليوم بعين القلب والبصر، حيث السوريون يخرجون أجمل وأنبل ما لديهم خلال كارثة الزلزال.. لدرجة يصيبك الذهول والسؤال: من كان هؤلاء “السفلة” الذين استلوا السواطير وأخرجوا أسوأ ما لديهم خلال سنوات الحرب؟