في زحمة إعلان المصارف عن قروض لـ”أخواتنا” محدودي الدخل، غير المتناسبة قطعاً مع الراتب الشهري، الذي لا يغطي قيمة السداد شهرياً، تفخر بإضافة قروض الطاقات المتجددة إلى قائمتها الإقراضية وسط الإعلان عن تسهيلات وشروط ميسرة للراغبين في ظل واقع كهربائي يزداد تأزماً في أوقات الشتاء الباردة، في قطع لبصيص أمل بالاتكال على الكهرباء لتدفئة البيوت الباردة، لعل هذه القروض تخفف تدريجياً الضغط على الشبكة المتضررة عند الاعتماد بصورة أوسع على الطاقات المتجددة والتوجه صوب الاستثمار المجدي في هذا القطاع الحيوي الغنية بلادنا بموارده.
الغريب في ملف الطاقات المتجددة، إحجام أهل “البزنس” عن التقدم للحصول على قروضها، وعدم الرغبة أساساً في تركيبها بسبب تكلفتها الكبيرة، وتفضيل الاعتماد على الكهرباء التقليدية، التي يشكون انقطاعاتها المستمرة وفاتورتها المرتفعة، بينما نشهد إقبالاً من الفلاحين على هذه القروض وتركيبها هرباً من تقنين جائر فرض على أهالي الأرياف ويهدد القطاع الزراعي بكل مواسمه، وخاصة مع غلاء المحروقات الكبير وعدم حصول الفلاحين على مستحقاتهم المدعومة، بالتالي هذه المعادلة غير المتوازنة تطرح تساؤلات كثيرة حول أسباب امتناع من يملك المال عن المساهمة بتعميم الطاقات المتجددة وتوسيع نطاق الاستثمار فيها، وطرق أصحاب المال القليل أبواب المصارف للحصول على قروض الطاقات المتجددة، التي لا شك أن ملفها لا يزال يعتريه الكثير من التساؤلات وتحديداً فيما يخص استيراد منتجات رديئة بحيث يتعرض المواطن أياً كان مجال عمله للغبن والظلم لكونه “سيكب” المال الذي دفعه لقاء شراء تجهيزاتها عند تعطلها بعد فترة قصيرة، ولماذا لا تلزم الفعاليات الاقتصادية بالاعتماد على الطاقات المتجددة عبر تقديم تسهيلات جاذبة، ففي مدينة حلب مثلاً يضطر بعض التجار والصناعيين إلى الاعتماد على الأمبير بتكلفته المرهقة، بينما يمكن تخفيف الأعباء عند الاشتراك بتركيب منظومة كهربائية مصغرة تعتمد على الطاقات المتجددة، التي ستكون استثماراً مجدياً على المدى البعيد حتى لو بدت تكلفتها عالية وخاصة مع رفع الدعم عن الكهرباء الصناعية.
تفعيل قروض الطاقات المتجددة وتوسيع استخدامها لتشمل جميع القطاعات بمن فيهم محدودو الدخل، يحتاج إلى حزمة تسهيلات مشجعة من دون الدخول في متاهات التعقيدات والضمانات المنفرة، لاسيما أن ذلك يسهم بضرب عدة عصافير بحجر واحد، كتخفيف الضغط على الشبكة وتحريك عجلة الإنتاج وتشغيل كتلة الأموال الضخمة القابعة في خزائن المصارف، بالتالي الكرة اليوم في ملعب وزارتي المالية والكهرباء عبر إصدار قوانين مرنة تشجع الاستثمار بالطاقات المتجددة مع تخفيف شروط الراغبين بالاستفادة من صندوق دعمها، وإطلاق المصارف قروضاً ميسرة جاذبة للمقترضين، الذين سيقبلون حتماً عند مواءمتها لجيوبهم هرباً من تقنين قاسٍ وبرد لا يرحم.
رحاب الإبراهيم
68 المشاركات