قمحنا والمستلزمات
باتت زراعة القمح على الأبواب، هذا المحصول الاستراتيجي الذي يعدّ من أولويات الزراعة في بلدنا، لما له من دور أساسٍ في تعزيز أمننا الغذائي، وخاصةً في ظل ظروف الحصار الجائرعلى بلدنا وصعوبات توريده من الخارج وبتكاليف باهظة.
إن المطلوب هو تحفيز الفلاحين على زراعة جميع الأراضي المؤملة بهذا المحصول، لكن ذلك لا يأتي من فراغ، بل يحتاج إلى إيلائه اهتماماً كبيراً من الجهات الوصائية، وتحديداً لجهة تأمين مستلزمات الزراعة وخاصةً من الأسمدة والمحروقات بالكميات والأوقات المناسبة وبالأسعار النظامية، كي لا يترك الفلاح رهينة جشع وطمع واستغلال السوق الخاص أو السوق السوداء، إذ تباع تلك المواد فيهما بأسعار فاحشة تفاقم من تكاليف الإنتاج على نحوٍ صارخ.
ما حدث في الموسم الماضي ينبغي ألا يتكرر في الموسم القادم، إذا لم تؤمن كامل الحاجات المطلوبة من الأسمدة، إذ وزع السماد الفوسفاتي اللازم، بينما لم يوزع من الآزوتي سوى الدفعة الأولى، والثانية لم تستكمل بسبب نقص الوارد، كما أن المحروقات المخصصة لوحدة المساحة لم تكن كافية لعملية زراعة المحصول بمختلف مراحله، من فلاحة أولى لتهيئة الأرض وفلاحة ثانية وقت الزراعة، وكذلك أثناء تنفيذ الريات، ما كبد المزارعين تكاليف استثنائية نتيجة اللجوء للسوق الخاص لشراء بقية الحاجة من الأسمدة الآزوتية وللسوق السوداء لشراء بقية ما لزم من محروقات لتشغيل مضخات الآبار وتقديم الريات في أوقاتها.
ولا شك في أن تهيئة وتأهيل شبكات الري الحكومية على السدود، والتي تغطي مساحات زراعية واسعة يكتسب أهمية قصوى، لكونه يتيح تنفيذ الري التكميلي للقمح ويوفر على الفلاح نفقات كبيرة من جراء تحمله أثماناً باهظة للمحروقات اللازمة لتشغيل الآبار، وهذا يستدعي تسريع وتيرة أعمال التأهيل وتلافي أي تأخير في شمول جميع الشبكات مع محطات الضخ المرتبطة بها وبعملية التخزين ضمن السدود.
الفلاح الذي يكدّ ويكدح، وأبى أن يبرح أرضه متمسكاً بالعمل بها، لا تعنيه التصريحات والتوجيهات التي تصدر هنا أو هناك، بل يحتاج أفعالاً ملموسة على الواقع، لذلك يأمل أن تكون الجهات ذات العلاقة قد اتخذت الاستعدادات المطلوبة مسبقاً بتأمين مستلزمات إنجاح تنفيذ الخطة الإنتاجية الزراعية لمحصول القمح، وضمان الوصول إلى إنتاجية عالية في وحدة المساحة، تفضي بالمجمل لوفرة في الإنتاج، تحقق الطموح، وتسدّ أكبر قدر ممكن من حاجاتنا إلى القمح الذي يشكل أساس لقمة عيشنا.