مشاهد وصور كثيرة، تحرِّضك على ارتكاب الصمت في حضرة العناوين الخدمية، حيث لا تعبير ولا مفردة ولا حتى عضلة وجهية يمكن أن توازي تنهيدة واحدة من آهات التعتير والوجع المحشجرة في رغامة قصباتنا الهوائية.
تحت جسر الرئيس (كمثال) أو في أي كراج نقل من كراجات نقل الركاب، ومعاناة الملتحقين بركب دورة الحياة؛ أفران الخبز والأكشاك المعتمدة في توزيعه، أسواق الخضرة، صرّافات المصرف الإلكترونية، وكوة خدمات المتقاعدين.. وصفوف المدارس وعدد الطلاب في الحصة الدرسية.. ومحصول الحمضيات والتفاح، حتى البندورة، صارت لصناديق تعبئتها قصص حزن وأشجان.
ومابين حقول الزيتون وبيارة التين والليمون، فروقات نقدية، ما عاد يصلح فيها فعل المقايضة، فالقيمة النقدية لمنتج الزيتون أكبر بكثير من مخرجات التين والليمون.. وسيناريوهات كثيرة تخطُّها العناوين الإعلامية، ما بين لحظ واستنكار، وما بين تقديم الحلول والاقتراحات، والزوايا النقدية.. إلّا أنه في المقابل لابدَّ من طرح بعض العناوين؛ عن افتتاح حديقة بيئية، وتشغيل نافورة في ساحة مركزية، والعمل على تأهيل وافتتاح حديقة حيوانات، وتعبيد الطرقات.. وفيما إذا كانت أكياس النايلون، أو بيدونات الزيت البلاستيكية مضرة بالصحة وسبباً من أسباب الأمراض السرطانية، وعلاقة الكالوريز بوزارة التجارة الداخلية..!!!
ومابين أفضلية زيت الخريج على زيت الزيتون العادي، آراء كثيرة قسمت الشارع الفيسبوكي لطرفين يضاهي في منشوراته، تهكم واستهزاء مشجعي كرة القدم تشرين وحطين وأهلي حلب.. وحبل التهكم جرار تتخلله أبيات حزن وبعض الصور العشقية لعاشقٍ ولهانَ منكوب فيما لو قرر فتح بيت واستئجار بدلة عرس ودفع تكاليف ما بعد عقد القران…
كل هذا وأكثر يصلح فيه ذكر حادثة على لسان الكاتب والأديب الساخر (بو علي ياسين) يقول فيها: “طلبت المعلمة إلى تلميذات الفصل كتابة موضوع يصفن فيه أسرة فقيرة، فكتبت ابنة رئيس مجلس الإدارة لإحدى الشركات: يحكى أنه، كانت هناك أسرة فقيرة، الأب فقير، والأم فقيرة، والأولاد فقراء، والخادمة فقيرة وسائق السيارة فقير، والبستاني فقير، الجميع فقراء..” وهيك صرنا “موضوع تعبير بتوقيع السادة المعنيين وينقصنا شيء من أدب بو علي ياسين .!!
وصال سلوم
71 المشاركات