بعد ابتلاع صدمة عام القمح “المخيب” للآمال، من الجيد سماع أنباء مفرحة حول مواسم زراعية وافرة كالذرة الصفراء والزيتون، ما يسهم في حلحلة بعض مشاكل القطاعات المنتجة كالدواجن عند تأمين المادة العلفية اللازمة حال تجفيف فائض الذرة في مراكز التجفيف، التي يؤمل أن تكون قد أصلحت حتى لا يُفتح باب جديد لاحتكار هذه المادة ورفع أسعارها لاحقاً، و”كأنك يا زيد ما غزيت”.
الحال ذاتها تنطبق على الزيتون وزيته، الذي استبشرنا خيراً أيضاً بإنتاج جيد يكسر حدة أسعاره مع تصدير الفائض، وهذا أمر أهم وإن انتقده البعض لجهة دعم الفلاح والخزينة عند المقدرة على كف بلاء التجار وأياديهم الواصلة، لكن الأهم: هل سيتم استدراك خطأ تصدير الزيت “دوغما” وتلافي آثار هذه النقطة المؤذية لمنتج محلي يصنف من أجود الزيوت عالمياً، ولماذا لا يعمل على استثمار ميزته النسبية و”تدوين صنع في سورية” على العبوات المصدرة، بالتالي قبل فتح باب التصدير يتوجب اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة هذا الخلل الكبير، الذي يهدر أموالاً طائلة تذهب لصالح بعض التجار ودول تعرف كيف تستثمر مزايا زيت الزيتون السوري المصدَّر إليها خاماً وتدوين اسمها عليه، وهذا يتطلب بداية وضع آليات تسويقية وتصديرية ذات معايير واضحة تراعي الجودة والشكل المناسب عبر تعبئة الزيت بعبوات بمقاسات مختلفة بعد تنقيته من الشوائب وضمان عدم التلاعب بمواصفاته بدل تصديره في بيدونات أو تنكات من دون الإشارة إلى مصدره السوري، وعند تسجيل أي مخالفة بتصدير الزيت “دوغما” يتوجب التعامل بحزم ومحاسبة من يتاجر بسمعة المنتج المحلي ويضيع مورداً هاماً للخزينة ومصدراً لتحسين معيشة الفلاحين.
قطف ثمار موسم زيت الزيتون والذرة الوفيرين، يحتاج تنسيقاً عاليَ العيار بين الوزارات المعنية، ومنع طفو سيناريو رمي المسؤولية في ملعب الطرف الآخر، وذلك عبر تشكيل فريق عمل موحد يعالج كل مشكلة صغيرة وكبيرة تعترض المحاصيل الزراعية الإستراتيجية وغيرها، والمبادرة إلى استثمارها فعلياً ومنع ضياع جدواها الكبيرة بالتخفيف من الأزمة الاقتصادية والمعيشية بسبب العجز عن إنتاج حلول واقعية، أقله المبادرة إلى افتتاح خطوط إنتاج جديدة لتعبئة زيت الزيتون في عبوات معدة للتصدير في كل مدينة منتجة، وبالمقابل إصلاح مراكز تجفيف الذرة المعطلة أياً كانت التكلفة لتخفيف فاتورة استيراد الذرة العلفية، واعتقد أن ذلك ممكن ولا يحتاج صفنة طويلة تقلل المكاسب المأمولة، فالسرعة باتخاذ قرارات جريئة وعاجلة لإنقاذ هذين المحصولين مطلوبة، وتبقى الأيام القادمة كفيلة بكشف حسن إدارة واستثمار هذه المحاصيل في تقوية اقتصادنا ذاتياً ومنع شفط بركتها من حيتان السوق والمحتكرين بدعم من شركائهم الفاسدين.
رحاب الإبراهيم
68 المشاركات