الحرب والفساد وجهان لعملة واحدة, لا يستطيع أحد أن يفرق بينهما وإن فعل فالفرق بسيط جداً, وما يحدث في بلدنا هو هذا الشيء صاحب الوجهين؛ حرب كونية، حصار و عقوبات اقتصادية هي الأشد قسوة في عمر البشرية, لأنها تطول المواطن في قوت يومه وتدمّر كل مقوماته. والوجه الآخر؛ الفساد الذي زادت أذرعه وتغلغل في النفوس أكثر من ماديات الأمور, وهذه حرب ثانية تقوم الدولة بواجبها لمكافحته وفق المتوافر من إمكانات, وبين أدوات المكافحة تعزيز القدرة الإنتاجية التي تفرض سطوتها على السوق المحلية, لأن الفساد يدخل ميدان الإنتاج في كل تفاصيله, لذلك تذهب الدولة برؤيتها وكل إجراءاتها نحو تعزيز وتطوير المنتج المحلي, وتخص الصناعي منه باهتمام أوسع باعتباره الحامل الأكبر لقوة الإنتاج من جهة, والاقتصاد الكلي من جهة أخرى ..
والأكثر أهمية ما يحتله المنتج الصناعي من مساحة واسعة في الأسواق ملبية حاجات المواطنين المختلفة, رغم ما أصابه من تخريب وتدمير طوال سنوات الحرب، ومازلنا نعيش تبعاتها السلبية على أرض الواقع, وما نحتاجه اليوم رسم خريطة إنتاجية تسويقية تحمل في طياتها استراتيجية, ينبغي العمل عليها لتعزيز قوة المنتج , تنطلق من عدة مقومات أساسية: تعميق إجراءات الإصلاح, من أجل استقلالية القطاع الصناعي والتحكم بأدائه, وزيادة الإنتاجية, وترشيد الإنفاق , ومعالجة ظواهر الفساد, والاستفادة من الكوادر والكفاءات العلمية النزيهة القادرة على الترجمة بصورة مباشرة على أرض الواقع، وتعكس ما يحصل بصورة إيجابية, وهذا يتم من خلال إعادة النظر في طريقة اختيار الإدارة القيادية العاملة في القطاع العام الحكومي وليس القطاع الصناعي فحسب، واختيارها على أسس علمية, لا على أساس المحسوبيات وأهل القربى، وما يتبع ذلك من اعتبارات تنخر في جسم القطاع العام .!. من دون أن ننسى ما يعانيه من تشابكات مالية مازالت عامل إرهاق على المؤسسات الصناعية المنتج منها والخدمي , وهذه بدورها تحتاج رأس مال جديداً ينهي مفاعيلها السلبية ويعطي قوة دفع لهذه المؤسسات، تنطلق من خلالها نحو منتج صناعي يربح معركة الوجود بجناحين؛ منافسة وجودة, وبقاؤه في الأسواق رهن بقوة الربح التي تتناسب مع مستويات معيشة المواطنين, وهذا لا ينسينا ما يعزز هذه النظرية في البقاء, من بناء تجمعات صناعية كبيرة متكاملة تتوزع في مساحات واسعة في المحافظات تستوعب العمالة الوافدة مع مغريات الانضمام اليها بدءاً من الراتب مروراً بمقومات معيشة أفضل تتناسب مع كل تطور ومستجد.. فهل ننتظر طويلاً لرؤية هذا الواقع على امتداد أهل منتجنا المحلي..؟
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات