رحلة البحث عن الأرخص.. التسوُّق من «البالة» وجهة باتت إجبارية
بارعة جمعة
ملابسٌ مستوردة من الخارج، مستعملة بحذرٍ نوعاً ما، وقابلة للبيع بأسعار منافسة في الأسواق المحلية، هذا ما يتداوله الناس عن ألبسة «البالة»، التي أصبحت ملاذاً للكثيرين منهم، وسط الارتفاع الجنوني في أسعار الملابس الجديدة التي أصبحت صعبة المنال للأغلبية، من دون العثور على مبررات لهذه الارتفاعات، سواء من جهة الجودة أو الاستمرارية.
«تفاوت ملحوظ»
أثناء تجوالك في السوق ورصد عملية العرض والبيع ضمن المحال التجارية، تنتابك الدهشة أمام أسلوب البيع من بائعٍ لآخر، تُخبرنا الموظفة سعاد المصري عن الاختلاف الكبير بين سعر البنطال الجديد الذي لامس الـ٥٠ ألف ليرة، و البنطال الذي يُعرض في البالة بسعر ٣٥ ألفاً وبجودة أعلى، مؤكدةً أن هذا التفاوت لم يقتصر على السعر فقط، بل بأسلوب العرض أيضاً.
ولأن لكل وقتٍ حُكمَه، بات الذهاب إلى أسواق الألبسة المستعملة نشاطاً يومياً لدى ربة المنزل فاطمة منصور، بحثاً عن قطع مناسبة لأفراد عائلتها، ولاسيَّما أن محال البالة تقتني كل أنواع الألبسة ابتداءً من (ب.ب) إلى ألبسة الكبار مروراً بالألبسة الداخلية، عدا أسلوب البيع ضمن عروض أسبوعية مغرية جداً على حد تعبيرها..
«إقبال متنوع»
إلّا أن العمل بهذا السلوك الشرائي لم يجذب البعض، لأسباب عدة، تؤكد الطالبة الجامعية سارة مقداد عدم ثقتها بما يُعرض من ألبسة كانت قد استعملت سابقاً من قبل أُناسٍ مجهولين بالنسبة لها، ولا يمكنها توقُّع خُلوها من«البكتيريا»، بالرغم من تأكيدات أصحاب المحال تعقيم البضاعة قبل تصديرها، وللموظفة “إسراء محمود” الرأي نفسه، الذي شكَّل سبباً مباشراً في بُعدها عن التفكير بشراء أي قطعة مستعملة، بعد تجربتها الأولى والأخيرة بشراء كنزة كانت تحمل علامات “بقع” مزعجة بالنسبة لها، ورفض صاحب المحل إعادة النقود لها وإجبارها على التبديل بقطعة أخرى..
إلّا أنه بمجرد دخولك “البالة” لن تخرج منها بأقل من ٣ قطع حسب توصيف السيدة “رجاء البقاعي” التي شكلت البالة وجهتها منذ ١٠ سنوات، نافيةً وجود أي مشكلات باقتناء هذه الألبسة .
«أسعار مميزة»
تبدأ من 10 آلاف ليرة وتنتهي بـ 25 ألفاً، إضافة لوجود الكثير من القطع ضمن باقة العروض بالأسعار الرمزية والمغرية جداً التي تبدأ بـ ٢٠٠٠ ليرة للقطعة وتنتهي بـ ٦٠٠٠ ليرة..
ما يميز هذه البضاعة جودتها وقدرتها على البقاء من دون تأثر بعملية الغسل واللبس المتكرر برأي أيهم الأسود صاحب محل لبيع الألبسة المستعملة في مساكن برزة، حيث إن استقدام البضاعة من الخارج وبيعها ضمن المحال يمر بمراحل عدة، من ناحية استلام الكمية وفرزها وإعادة ترتيبها ضمن «ستاندات» العرض للبيع، ويأتي تنوع الأسعار برأي “الأسود” من جودة القطعة، ليبدأ عرضها بسعر ٣٥ ألف ليرة في البداية، ومن ثم تحويل ما تبقى من القطع التي لم تلقَ قبولاً في بداية العرض إلى “البسطة” المعروضة أمام المحل، ومن ثم بيعها بسعر رمزي جداً .
وتشكل هذه القطع بحسب توصيف “الأسود” عامل جذب للزبائن ممن باتوا يبحثون عن الأرخص والأكثر أماناً، لتكون البالة وجهة الكثيرين منهم ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، ممن باتوا زبائن معتمدين بالنسبة لمحله..
كما أن للارتفاع الجنوني الذي طال الألبسة الجديدة دوره الأكبر في تحويل اهتمام الزبون إلى البالة، هذا ما أكده “سعيد محمد” صاحب محل لبيع الألبسة الجديدة في سوق الجسر الأبيض، ولاسيَّما أن ارتفاع الأسعار لهذا العام لا يقارن بالعام الماضي، ليسجل سعر البيجاما موديل السنة الماضية 50 ألف ليرة ، بينما يتراوح سعر البيجاما موديل العام الحالي بين 60 إلى 80 ألف ليرة، والذي لا يتناسب إطلاقاً مع دخل الموظف العادي.
«خطة الرقابة»
وكغيرها من المواد المستوردة، تخضع الألبسة المستعملة في حال دخولها بشكل رسمي البلاد إلى بيان تكلفة وتُسعَّر على هذا الأساس، حسب تأكيدات مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك “نضال مقصود”، كما تتنوع البالة بين محلية ومستوردة، المحلية يتم تداولها بين الناس، وهي ألبسة مُستعملة تُباع ضمن بسطات طرقية، أما المستوردة في حال كان دخولها بشكل نظامي للبلاد يتم تسعيرها وفق الخطة التسعيرية للتجارة الداخلية، هذا ما أوضحه مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية “حسام نصر الله”، مبيناً أنه في حال تم تدوين مخالفات بحيازة مواد مجهولة المصدر يتم التعامل معها بشكل فوري عن طريق تنظيم ضبط ومن ثم تحويله للقضاء، إضافة لإرسال صورة عنه لمديرية الجمارك ووضعها بصورة القضية..