أكثر ما كان يؤرقني مهنياً شعوري بأنني أمتلك نقطة ضعف لم أستطع تجاوزها.
فأنا أتقن جيداً فن صياغة الأسئلة وتطويع اللغة والاسترسال بالكتابة وأعرف تماماً من أين تؤكل كتف من أحاور، «لكن على الورق»، لم أستطع أبداً امتلاك الجمل الخطابية السمعية، ولا موهبة الحديث للجمهور، أو أمام كاميرا تلفزيونية.
موهبة، اعترف أنني حتى اللحظة كنت أعدّها نقطة ضعفي، حتى قرأت مقولة لمحمود درويش يقول فيها:
“فن الخطابة هي الكفاءة العالية في رفع الكذب إلى مرتبة الطرب، وفي الخطاب يكون الصدق زلة لسان”.
يا عم درويش، طول بالك علينا..
فعل المداواة لنقاط ضعفنا، يمكن أن يرمي أصحاب الكراسي بحجارتك اللغوية!!
فأصحاب المناصب، يتقنون جيداً فن الخطابة، حدَّ التمكن، حتى إنهم حاضرون في أجنداتهم الخدمية وتقاريرهم الربعية ونصف السنوية وحتى اليومية لتقديم الخطابات الرنانة وعلى مدار الـ٢٤ ساعة من دون أي أخطاء أو عثرات، فكيف لنا أن نحصرهم في زاوية زلات اللسان؟؟.
يا عم درويش
قصائدك ونثرياتك التي أورثتنا إياها”ساعة صفا”، سببت لنا مشكلة، ووقعنا في «حيص بيص» من أمرنا، وكأنك تحرّضنا على استخدام الأذن الطرشى أمام المعلّقات الخطابية التي باتت حاضرة وجاهزة حتى إنها مغلّفة بعلامات ترقيم سليمة الحضور وموظفة تماماً لمعنى في قلب الشاعر المسؤول، فعن أي زلة لسان يمكن بين خطاباتهم لأذننا أن تسعى؟؟.
أعترف أنك يا عم درويش قد عالجت نقطة ضعفي إلّا أنك جعلتني أشعر بالخوف في استجابة فطرية لمواجهة المعنى الكامن بين جملتك الشعرية، وشعور من قبيل انقباض الأوعية الدموية صار لزاماً بعد كل جرعة خطابية، خاصة إذا ما علمنا أن تعريفك للخطابة جاء في كتاب عنوانه: ” أثر الفراشة ”
وهو مصطلح صار يستخدم كاستعارة في التعبير على أن الأسباب الصغيرة، يمكن أن يكون لها فيما بعد آثار كبيرة…
لذلك ولأنني حسب النظرية الدرويشية أتقن جيداً الوقوع بزلات اللسان، سأهمس بصدق التمنّي على كل من يطربنا بالخطابات:
ليتكم تقللون من جودة خطاباتكم وتكثرون بيننا زلات اللسان.