المركزي: إيجاد مصادر جديدة للتدفقات النقدية لتجاوز أزمة لبنان
كشف مصرف سورية المركزي في تحليل اقتصادي أن تداعيات الأزمة الاقتصادية اللبنانية على مصرف لبنان المركزي والقطاع المالي
أثرت على اقتصاديات الدول المجاورة بما فيها الاقتصاد السوري ولاسيما مع وجود نسبة كبيرة من أموال السوريين مودعة لدى المصارف اللبنانية بالقطع الأجنبي إضافة إلى الحوالات والتدفقات النقدية الواردة عن طريق لبنان والتي تقلصت بشكل كبير مع بداية أزمة القطاع المالي والمصرفي اللبناني وفي حال تمت الإصلاحات اللبنانية على حساب المودعين فإن ذلك سيترك أثراً سلبياً جديداً على الاقتصاد السوري يمكن تداركه من خلال التركيز على مصادر التدفقات النقدية بالقطع الأجنبي من دول أخرى وتقديم التسهيلات اللازمة لضمان دخولها إلى حيز القطاع المالي والمصرفي السوري واستثمارها بالشكل الأمثل لدعم الاقتصاد الوطني.
ورأى مصرف سورية المركزي في دراسة تحليلية أن تعرض القطاع المالي ومصرف لبنان المركزي إلى خسائر متلاحقة جاء نتيجة الأزمات المتتالية التي تعرض لها الاقتصاد اللبناني وخاصة أزمة المديونية التي زادت من حدتها الأزمات السياسية وانفجار مرفأ بيروت وإجراءات جائحة كوفيد 19 فتوقف لبنان عن سداد ديونه الخارجية منذ آذار 2020 و وصلت معدلات المديونية إلى نسب عالية عدت بأنها من أعلى معدلات المديونية في العالم، وقدّر حجمها وفق تقرير للبنك الدولي بـ 183% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021 ليكون لبنان رابع أعلى نسبة مديونية في العالم بعد اليابان والسودان واليونان، حيث انخفضت الإيرادات الحكومية إلى النصف لتصل الى 6.6% من إجمالي الناتج المحلي وفق تقديرات التقرير للعام 2021 كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي من قرابة 52 مليار دولار أمريكي في عام 2019 إلى مستوى متوقع قدره 21.8 مليار دولار أمريكي في عام 2021 مسجلاً انكماشاً بنسبة 58.1% وهو الأشد ضمن قائمة تحوي 193 بلداً، وأسهمت حالة الفوضى المالية والنقدية بتغذية الأزمة في ظل تعدد أسعار الصرف الذي أسفر عن تحديات جسيمة واستمر التدهور الحاد لليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي ما ساعد على تفاقم التضخم الذي قدر بـ 145% في عام 2021 ليكون ثالث أعلى معدل على مستوى العالم بعد كلٍّ من فنزويلا والسودان وتعذر على المودعين الحصول على أموالهم المودعة بالقطع الأجنبي .
وتوقع مصرف سورية المركزي أن يستمر مصرف لبنان المركزي بممارسة دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف التي تنص على أن البنك مكلف بالحفاظ على سلامة العملة اللبنانية والحفاظ على استقرار الاقتصاد، وبناء عليه يسعى المصرف لمعالجة تلك الخسائر ضمن خطة التعافي التي يتم إعدادها بالمشاركة مع الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي محاولاً الابتعاد عن شبح الإفلاس الوشيك ، و بين مصرف سورية المركزي أن المفاوضات المستمرة مع صندوق النقد الدولي تتركزعلى مجموعة من الإصلاحات الملّحة وهي إصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته والسياسة المالية المتوازنة لخدمة الدين العام وإصلاح القطاع العام وقطاع الكهرباء، إضافة إلى توحيد سعر الصرف ومعالجة السياسة النقدية والتضخم ومن المتوقع توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.
ولفت مصرف سورية المركزي أن ما يعانيه الاقتصاد اللبناني يوجب عليه الاتجاه نحو خطة تعافٍ تشكل أساساً لاقتصاد منتج، حيث كان يعتمد في السابق على قطاع السياحة والخدمات بما فيها الخدمات المالية إضافة لمواصلة الجهود لتأمين الحد الأدنى من السيولة المطلوبة في ظل النقص الحاد بها والحفاظ على حقوق المودعين مع تحديد فترات استحقاق لسداد الالتزامات المترتبة على القطاعات المصرفية والاقتصادية.