الرُّؤيَةُ السُّورِيَّةُ.. ثَبَاتٌ وَصَوَابِيَّةٌ
متغيرات كثيرة على المشهد السياسي برمته, اليوم تشهد السياسة الدولية حالة من التغير وربما التحول، تحمل معها إرهاصات واقع دولي مغاير لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، وقد يقول قائل: من الصعب الآن معرفة حجم تلك الآفاق من جراء متغيرات السياسة الدولية الجديدة، وقد يكون متعجلاً التنبؤ بعودة مناخات تلك الحرب بحساباتها القديمة ذاتها، فكل شيء اختلف وأخذ مساراً مختلفاً عما شهدته الدول وسياساتها سابقاً.. ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم وخاطئ..! أحداثٌ ربما ستنشئ تكتلات جديدة، الأمر الذي يفرض إيقاعاً على مسير الموازين الدولية لتختلف بدورها عما كانت عليه في سنوات سابقة، وهنا قد تظهر قوى جديدة على المشهد، وربما تستعيد أطراف أخرى عافيتها وتصبح فاعلة في ميزان التأثير بملعب السياسة الدولية..
الكل بات على قناعة تامة إزاء عالم يتشكل، يختلف في تعاطيه للأحداث وربما يكون مساره الناعم بأدوات من نوع وأسلوب تعاطٍ جديد، فارضاً إيقاعه وتموضعه على الساحة العالمية، سعياً لرسم ملامح أفق أكثر أماناً.. في ظل المتغيرات العاصفة على الساحة الدولية، ولا أقصد هنا فقط الحروب، بل حجم الضغوط الاقتصادية والأساليب التي انتهجها الغرب بكل تيه وعنجهية لشل اقتصادات الشعوب وإبقائها في حلقة المناشدة والتبعية لفرض هيمنتها والتحكم بإرادتها وقراراتها..
إننا إذاً إزاء عالم يتشكل، وإعادة تموضع دولي سيرسم مستقبل القرن الحالي، وهنا تتبدى قرارات الشعوب الحرة وقادتها في رسم خريطة طريق واضحة الملامح قوامها تحقيق مصلحة الشعب وازدهاره، والأخذ بكل نواصي الاستقرار والسلام، ومن هنا جاءت حكمة القيادة السورية الرشيدة في استباق حالة الهذيان والتخبط على الساحة الدولية عبر تعزيز وتوسيع تحالفاتها، مع بعض الدول العربية التي رأت في نهج سورية عبر دفاعها عن كل ذرة تراب أمام هجمات الإرهاب وما يضمره الغرب من شرور لتفتيت هذا البلد، لكن الثبات وحسن الإرادة وحب الشعب لقيادته كان برهاناً ساطعاً لدى الشعوب قاطبة، من يملك ناصية القرار وحب وطنه وشعبه سيحقق النصر، وهذا ما تم، وها هي اليوم مساحات واسعة من العديد من المتغيرات ستنعكس خيراً على الشعب السوري، وزيارة السيد الرئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة جاءت لتترجم نهجاً سلكته الدولة السورية ولن تحيد عنه رغم الحروب والصعاب، بفتح أي آفاق للتعاون وتعزيز قنوات العمل لرفع شأن الشعب العربي ومقدرته بالدفاع عن قراره ومصالحه.. آفاق لتقوية العلاقات وخاصة الاقتصادية منها، وهي سياسة ليست وليدة اللحظة، بل نهج مرسوم منذ سنوات، ثبتت رؤيته وصوابيته على مدار سنوات خلت، أرسته القراءة العميقة للواقع العربي ومصالح المنطقة ضد المهددات الإقليمية، أو الدولية، ما جعل من سورية رقماً صعباً في المعادلة الدولية الجديدة التي في طور التشكل.
مثل هذه الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، والاهتمام الكبير سواء الإعلامي أو الشعبي بها، تكشف عن متانة العلاقات بين البلدين وصولها إلى مستوى متقدم، فضلاً عما ينتج عنها من اتفاقات للتعاون، واستمرار نموها إلى الحد الذي يواكب تطلعات قيادة البلدين والشعبين.