قوائم سوداء ..؟!
أتذكر حينما كان مؤشر أسعار السلع يتصاعد منذ سنوات وكان لا يزال رحيماً قياساً بأسعار هذه الأيام الصعبة، كنا نحن معشر الصحفيين نعزو الغلاء إلى أفعال المحتكرين، لكن النفي كان يحضر دوماً على لسان أحد مسؤولي مؤسساتنا المعنية بسبر أحوال الأسواق وتقلبات الأسعار، ويؤكد أن هناك “احتكار قلة” فقط في محاولة لإبعاد تهمة العجز عن المؤسسة المعنية بمكافحة الاحتكار قبل وضعها تحت جناح وزارة التجارة الداخلية، لكن على وقع هذه التصريحات كان الاحتكار يتنامى في الأسواق من دون القدرة على ردع هذه المخالفات الجسيمة وإن كان قانون حماية المستهلك قبل تعديله يتضمن عقوبات مشددة بقيت حبراً على ورق من جراء اتباع سياسة “اليد الحنون” والاكتفاء برفع العصا “الغليظة” التي اعتادها المخالفون وأصبحوا يمارسون تجاوزاتهم في وضح النهار.
موجة الغلاء الجديدة المسعرة وفق حسابات التجار الجشعة، تؤكد بـ”القلم نشرح” أن الاحتكار ليس محصوراً بقلة فقط، فحيتان الاحتكار في تزايد في ظل عدم الضرب بيد من حديد على أيديهم الممتدة إلى كل الأسواق، فكما يقال “يا فرعون من فرعنك”، فهل يعقل أن تُفقَد مادة الزيت النباتي من الأسواق فجأة ويرتفع سعرها أضعافاً مضاعفة خلال أيام قليلة، ولماذا لم تتخذ إجراءات صارمة بحق المحتكرين بمعزل عن التهديد الكلامي الذي لن ينفع مادام لا يوجد تحرك فعلي يحاسب من يتلاعب بقوت المواطنين، بدليل استمرار التجار بيع السلع بأسعارها الجديدة غير مكترثين بالأسعار التي وضعتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي تتحمل مع الجهات المعنية بمراقبة الأسواق وضبطها المسؤولية في فوضى الأسواق الحاصلة وزيادة سطوة المحتكرين، التي يدفع ضريبتها المواطن والخزينة.
قمع حالات الاحتكار سواء أكانت “قلة” أو “كثرة” تحتاج عملاً منظماً من جميع الجهات المسؤولة بعيداً عن آلية الضبوط والتصريحات المهددة، على أن يدعم ذلك بتطبيق صارم لقانون حماية المستهلك الجديد بلا تدخلات وتعديلات لمعاقبة المحتكرين وإعداد قوائم سوداء بأسمائهم وإعلانها للرأي العام، ما يضمن ردع البقية المخالفة التي قد تنجو بحكم سطوة مالها، و دون ذلك سيبقى أهل الاحتكار ومن يعتاش على هذا الفعل الضار يتمددون ويستغلون أي أزمة بعيدة أو قريبة لزيادة مكاسبهم بلا قدرة على ردِّ بلائهم وهم الخبراء في التصيد والمتاجرة بأرزاق العباد.