ليست انتكاسة؟
ليست انتكاسة، هكذا يُفترض أن يتم النظر إلى مسألة سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة (والتي انبثقت من توافق الأطراف الليبية في آذار الماضي بعد عدة جلسات حوارية في إطار ملتقى الحوار السياسي الليبي- الليبي)..
..هكذا يُفترض، لكن في ليبيا الافتراض شيء والواقع شيء آخر.. فكل خلاف مهما كان صغيراً لا بد وأن يطلق موجة كبيرة جداً من المخاوف ومن التوقعات المتشائمة، خصوصاً في وقت تستعد فيه البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية (24 كانون الأول المقبل) يُقال إنها مصيرية وإن كل الآمال مُعلقة عليها للخروج من حال الفوضى وشبح الاقتتال الذي ما يزال يَكمُن في كل منطقة ومدينة، وفي كل حي وشارع.
لماذا لا يُنظر إلى مسألة سحب الثقة كإجراء داخلي هدفه تحسين ظروف العملية الانتخابية، حتى لو افترضنا أن منافسات وخلافات تقف خلفها.. لماذا لا ننظر إلى المسألة وفق مبدأ أن الخلاف لا يُفسد للود قضية، أي لا يُفسد، ولا يجب، ولا يجوز، أن يُفسد قضية الانتخابات؟
الجواب يتركز في أن ليبيا لا زالت مقسّمة ومنقسمة جغرافياً وعسكرياً وسياسياً بين شرق وغرب.. وعليه يستمر المسؤولون الليبيون (الذين يتولون كل مرحلة) في العمل وفق هذا التقسيم والانقسام وليس وفق ليبيا واحدة، حسب ما تنص عليه الاتفاقات المتوالية التي تخرج بعد كل اجتماع ومؤتمر، وآخرها كان جلسات الحوار الوطني السياسي.
أما لماذا يستمر العمل بعقلية الانقسام والتقسيم؟.. فهذا جوابه عند الأطراف الخارجية، وعند البعثة الأممية نفسها التي عادت للاكتفاء ببيانات القلق، وتوجيه الدعوات لتغليب مصلحة البلاد.
إذاً.. هي ليست انتكاسة إلا إذا أرادها مسؤولو المرحلة كذلك، وأرادوا استغلالها لخدمة مصالحهم الانتخابية وغير الانتخابية، لتكون مخاوف الليبيين في محلها، وهي مخاوف لا تقتصر فقط على الميدان السياسي، لأن كل خلاف هنا يقود إلى تصعيد في الميدان العسكري، يهدد بعودة البلاد كلها إلى المربع الأول.
بكل الأحوال، الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت مسألة سحب الثقة من حكومة الدبيبة ستتحول إلى انتكاسة، حيث الأنظار تتجه إلى مجلس النواب وقانون الانتخاب المُفترض أن يُقرّه خلال أسبوعين.. وعندها يكون لكل حادث حديث.