تجاوز النمط المألوف بالتشكيل في «معرض واحد عمل واحد»
تجارب جديدة قدمتها مجموعة من الفنانين الشباب في المركز الوطني للفنون البصرية حملت عنوان «معرض واحد.. عمل واحد» لثلاثة من الفنانين الشباب هم: صلاح حريب، يعرب طلاع، وخزيمة العايد, المعرض خلاصة تجربة كلّ من الفنانين الثلاثة الذين عاشوا سنوات الحرب على سورية، وتأثروا فيها فقاموا بتوثيقها في محاولةٍ لتجاوز النمط المألوف من التشكيل الذي يحمل من المعاصرة الكثير، ويهدف إلى تقديم منتج إبداعي لحواس شابة عايشت ألم البلاد وانتصرت, ولم تكن مهزومة أو منسحبة إلى لوحاتها الرطبة.
«تقديم المختلف»
من جهته يؤكد د.غياث الأخرس- مدير المركز الوطني للفنون البصرية؛ بأن المركز يقدم تجربة جديدة من حيث العرض, وطرح الفكرة التشكيلية قلّما نجدها في المعارض التشكيلية العادية، وهذه الخطوة جديدة من برامج المركز نحو تقديم المختلف، ويعدّ هذا المعرض الأول في سورية، من جهة نوعيته ومفهومه، فهو لايحدث في صالات العرض العادية بل يحتاج فضاء رحباً، ولفت الأخرس إلى أن اللوحة في الغرب باتت مختلفة ومتبدلة، فالفن تطور كثيراً في عصرنا، إذ بات هناك الفن التركيبي وفن «الفيديو آرت» ولوحات ضخمة ومجسمة وغيرها, والفكرة التي اشتغلها التشكيليون الثلاثة؛ هي فكرة موجهة للناس لأن الفنان قادر على تطوير نفسه عندما يريد، لذا كانت الفكرة هي البحث عن شيءٍ مختلف يراه الناس، ويلامسهم ويكون متصلاً مع المجتمع, وما يحدث فيه، وبدورنا أردنا أن نصنع المختلف في المركز الوطني للفنون البصرية، وكان لكلّ واحد أسلوبه التعبيري الخاص به, والتي نضجت وتطورت في مدة زمنية فاقت الخمسة أشهر ليكتمل منجزهم الفني بهذا الشكل.
«مجسّم الخراب»
قدّم الفنان خزيمة العايد مجسماً كروياً حمل عنوان «الخراب», وقام بتشكيله وفق رؤية بصرية خلاقة تدعو للاندهاش في طريقة التكوين واللون والمشاكل التي نعيشها ليس فقط في سورية، بل على مستوى العالم، بمعنى أن الكرة الأرضية تتغير حتى ثقافياً لذا غلب اللون الأحمر، وآثر اختصار مقولة المجسم بمقولة كتبها على الجدار تقول: (في أرضي ثقبٌ أسود سيطوي الزمن داخله، إنه وادٍ سحيق، إنه وادٍ بلا قلاع، ها هي فرصتك الأخيرة للهرب، فبعد قليل ستكون في مواجهة أفق الحدث، لا .. قضي الأمر ابتلع كلّ شيء ومزقه إلى أشلاء، ابتلع الضوء، ابتلع الحجر حتى البشر).
«التضاد بين كتلتين»
الفنان التشكيلي صلاح حريب الذي عمل على مفهوم التضاد في الفن التشكيلي بين الكتلة ولونها وتشكيلها الداخلي من رمادي وأسود وأبيض, وقام بمواجهتها بسطحٍ ثانٍ، ووازنها بلونه الأبيض والرمادي الهادئ حيث عكس اللون الأصفر الموجود في اللوحة حالة القلق والتوجسّ من القادم بسطحه الأول، وعكس الأمل بسطحه الثاني، وبدت اللوحة بأركانها وأبعادها تلامس بشكل ما آثار الحرب على سورية, وعلى مفردات الحياة فيها، قد يذهب البعض بقراءتها إلى المنحى الإيجابي، أو المضاد منه، ولكن بشكلٍ عام أبعاد اللوحة بدت منسجمة مع المكان مع محاولة الخروج عن اللوحة والجدار من خلال الظل, كما تمت موازنته مع المشهد كاملاً مستخدماً القماش والأكريليك، وقام بدمج اللوحة بهذا الشكل بطريقة مائلة كي يستطيع الزائر التقاط اللوحة بشكلها الصحيح والغوص في عالمه الرمادي، وبدا مأخوذاً بفكرة الحركة كأساس للمشهد العريض المعلق أعلى اللوحة محققاً الخفة في التكوين والتماسك في السرد البصري لافتاً عن متعته في تركيب اللون الرمادي, ومعبراً عن قلقه وأمله في القادم.
«دمج الصورة والصوت»
فيما خاض الفنان يعرب طلّاع تجربة مختلفة في عالم التشكيل، فهي تقدم لأول مرة في سورية من ناحية التقنية، وبدت كطرح جديد بالنسبة للمتلقي لكونها تحتاج خبرات معينة، ولكنها تتيح للفنان إمكانات أكبر كي يقدم مفاهيم عن طريق هذا الفيديو خاصة أن الصوت والصورة لهما أثر أكبر بكثير من الصورة فقط أو حتى من الصوت وحده، لذا هناك فرق بين هذا الفن، وبين الإعلان التجاري باعتبار أنه ليس محدوداً بالتكنيك فقط، وقدم طلّاع «فيديو آرت» طرح من خلاله الواقع المعيش, وهناك أمل سنصل إليه.
تصوير: صالح علوان