صحيفتنا بألوان الحرية
الحرية – مها سلطان:
يتحرك الهواء حراً في شوارع دمشق.. يعيش السوريون ايقاع انتصارهم وفق ترتيبهم الخاص جداً، والذي ربما لا يفهمه كثيرون فيخطئون القراءة والتحليل، بعضهم عن حسن نية، وبعضهم الآخر يتعمد فتنة (لعن الله من يوقظها) وما بين هؤلاء وهؤلاء يتفاعل السوريون أملاً ويداً بيد مع مَنْ يُحسن النية والعمل، ويغلقون أبوابهم في وجه كل من يريد فتنة تفسد سوريا المستقبل، سوريا الأهل والأحبة، سوريا الدولة والوطن.
من الهامة في ريف دمشق، المدينة الشهيرة تاريخاً وحاضراً، والجميلة بكل أطياف ناسها، وحيث أسكن لأكون – وغيري- شاهداً على تآخي السوريين وتعاونهم على هدف قطع الطريق على كل فتنة ومن يقف وراءها.. من الهامة حيث تنطلق بنا السيارة لتشق الطريق باتجاه دمشق المدينة/العاصمة، إلى مقر صحيفة «تشرين» التي عانقت الحرية في 8 كانون الأول الماضي، فتختارها عنواناً ومساراً، وعملاً دؤوباً في قادمات الأعوام.. هكذا ستكون صحيفتنا، صحيفة الحرية، لتأخذ دورها وتتحمل مسؤولياتها، لتكون مع كل السوريين الشرفاء الأحرار، لنبني سوريا أقوى وأجمل.
في الطريق، وأنت تتابع مشهداً كاملاً، يتوالى أمام عينيك، على مدى نصف ساعة، هي مدة المسافة بين الهامة ودمشق، لا يمكن إلا أن تفكر كيف يستطيع السوريون في كل مرة أن يغيروا مجرى التاريخ، وكيف أن للسوريين دائماً «ترتيب آخر» وبما يجعل حركة التاريخ تستدير بما يَلزم، فلا يتركون كل مفاصلها لمصادفات السياسة والسياسيين، أو بما يجعل المسار اعتباطياً/فوضوياً.
وتفكر أيضاً… لا يأبه السوريون لكل ذلك اللغط المثار حول العملية الانتقالية، باجراءاتها وقراراتها وتوجهاتها، وفيما تغص الميديا بالكثير من سوء النيات حول سؤال المستقبل، ولعب مكشوف على وتر المخاوف وإيهام السوريين بأنهم على حافة التهديد الشديد والمباشر، تراهم في حياتهم اليومية يصدّرون صوراً مختلفة فلا يلقون بالاً إلا لقراءاتهم وحدها وقناعاتهم بأن القادم لا بد أفضل. يقارنون بين هذه الميديا سيئة النيات والأهداف وبين سلسلة القرارات التي تصدر بصورة يومية فيطمئنون.. لكنهم بالمقابل لا يغفلون عن هذه الميديا ومن يقف وراءها، وبالتوازي لا يوهمون أنفسهم بأن ما يعيشونه من معاناة اجتماعية مزمنة وعلى صعد كافة ستختفي بين يوم وآخر.. يؤمنون بأن الطريق سيكون طويلاً وشاقاً لكنهم بإيمانهم وتعاونهم سيقصرونه ما استطاعوا وسيتغلبون على كل المشاق والصعاب.
يتطلع السوريون وكلهم تفاؤل إلى قيادة جديدة، يرصدون ويراقبون كيف تعمل بهدوء وبمسار واضح المعالم. يعيدون ترتيب الداخل وعينهم على الإقليم. يتطلعون لإعادة وصل ما انقطع عربياً، ولا يغفلون عن المستوى الدولي، مع انتباه عالي التركيز تجاه كل المخاطر التي تحيط بعملية إعادة البناء ومن يتربص بها.. وبكثير جداً من الحكمة والتأني والدراية في التعاطي مع الجهات والأطراف، وإدراك مجمل القضايا الموضوعة على الطاولة، بظاهرها وباطنها.. وهذا ما يزيد في اطمئنان السوريين.
وكما يتطلع السوريون بتفاؤل إلى قيادة جديدة، يتطلعون أيضاً إلى إعلام مختلف، يشبههم، يشبه الوطن، وينطق باسمه وباسم أهله، وليس باسم شريحة متنفعة انتهازية، تقاسمت الوطن، نهبته وقطعت الحرث والزرع، وصولاً إلى إغراقه في أتون حرب شتت الشمل، وأفرغت الوطن من خيرة أبنائه، وقضت على البقية الباقية من حياة.. لكن وفي لحظة القرار الأهم، كان للثورة – لسورية الحرة – الكلمة الأخيرة.
في هذا الإعلام الجديد المختلف الذي يشبهنا، يشبه سوريا، ستتقدم صحيفتنا، صحيفة الحرية، لتزيح عن كاهلها قرابة نصف قرن (منذ عام 1975) من حالة تبعية لإرادات وسياسات، تبعية شملت حتى اسمها.. وقرابة 14 عاماً من مسار قاهر لبلاد لا تشبهنا، لا تمثلنا، بلاد تحكمت فيها طغمة حاكمة ظالمة قاتلة، أرادت أن تحول السوريين ليكونوا على شاكلتها، لكنها فشلت واندحرت.
.. وغدنا سيكون أفضل حتماً.