حديقة “البطرني” إرث حضاري.. هل يعيد سوق المهن التراثية الألق إليها ؟
اللاذقية – نهلة أبو تك:
حديقة البطرني من أقدم المعالم الموجودة في مدينة اللاذقية، من حيث مكانتها في الموروث المحلي للمدينة والمساحة التي تشغلها ووجود أنواع من الأشجار المعمرة (شجر الفيكوس) إضافة إلى النباتات العذرية التي قل وجودها في حدائق المدن.
حسب المؤرخ حيدر نعيسة، يعود أصل تسمية حديقة البطرني إلى وجود مسجد وقبر لأمير البحرية الإسلامية في عصر المماليك والملقب بأبي بكر البطرني كما هو موجود في اللوحة الموجودة عند قبره في الجامع الذي شيده.
وأضاف نعيسة في حديث لـ(تشرين): أطلق عليه لقب أمير البحار، لأنه واحد من البحارة الذين ساهموا في إحداث الأسطول والجيش البحري خلال الفترة المملوكية، وعرف عن البطرني حربه وبأسه الشديد في القضاء على القراصنة والمخربين في البحر خلال تلك الفترة. مشيراً إلى أن البطرني توفي في الإسكندرية، ومن حبه لمدينة اللاذقية أوصى بأن يدفن فيها، وبالفعل نقلت رفاته إليها عام /١٢٧٧/.
وأكد نعيسة أن الحديقة كانت بمثابة استراحة للبحارة الذين يجتمعون بشكل دائم، إما للصيد وإما لترقب السفن القادمة إلى المرفأ، فكانت بمثابة نقطة علامة لأهالي المحافظة.
ورغم أهمية حديقة البطرني باعتبارها موروثاً حضارياً وشاهداً على عمق تراث اللاذقية، إلا أنها لم تأخذ حقها من الرعاية الكافية واستثمارها بشكل يعيد لها ألقها السابق، حيث كانت تقام على أرضها معارض عدة كمعرض الزهور والكتاب ومعرض الصور الضوئية، إضافة إلى سوق لبيع المنتجات الريفية.
مدير سياحة اللاذقية فادي نظام أوضح لـ”تشرين” أنه انطلاقاً من أهمية هذه الحديقة، كونها موروثاً حضارياً لأهالي اللاذقية، تم مؤخراً وضع حجر الأساس لإقامة حاضنة تراثية وسوق للمهن التراثية، وهو مشروع مشترك ما بين مجلس مدينة اللاذقية ووزارة السياحة على مساحة ٢٥٠٠ متر مربع في الجزء غير المستثمر من الحديقة.
وأكد نظام أن الهدف من إقامة هذا المشروع على أرض الحديقة هو الاستفادة من ميزات الحديقة واستثمارها بشكل يليق بموروثها، من خلال إقامة مشروع يهدف إلى إحياء المهن التراثية التي تشتهر بها المحافظة كصناعة السجاد والبساط اليدوي، صناعة الفخار، والقصب، إضافة إلى صناعات حرفية تقليدية مختلفة ستقام بشكل دائم في الحديقة من خلال بناء أكواخ خشبية لكل مهنة، للحفاظ على طابعها التراثي الذي يميزها عن غيرها.
ونوه نظام بأنه يتم العمل لإنجاز هذا السوق في أسرع وقت ممكن، على أن يكون خلال الموسم الصيفي القادم في الاستثمار.