إصدار عملات محلية رقمية
تعودنا أن نتأخر في بعض الخطوات ونتأنى في خطوات أخرى لكن ماذا لو كنا نحن المبادرين بخطوة جديدة؟
ما يتيح التفكير بهذا الشأن التوجه الحكومي للتفكير خارج الصندوق.. واتخاذ إجراءات ووضع سياسات نحو التحول الرقمي وبناء مدن صناعية تكنولوجية، وهنا لا بد من أن يقف قليلاً عند فكرة إصدار عملات رقمية.. طبعاً ليست تلك العملات التي تعتمد على منصات خاصة وتشبه لعبة القمار من حيث الأرباح والخسائر، وإنما المقصود عملة رقمية وطنية بمزايا تعبر عن سيادة الدولة واستقلاليتها مقابل العملات الرقمية الأخرى ويدعمها المصرف المركزي كما يدعم العملات التقليدية .
ورغم إن موضوع إصدار العملات الرقمية الخاصة ظهر بعيداً عن البنوك المركزية في البداية، إلا أن توسعه وسهولته والمرونة التي يتمتع بها أضف إلى الكثير من المزايا.. لاسيما من الدول التي تعاني من الحروب والأزمات والعقوبات حفزت البنوك المركزية على تبني إصدار عملات رقمية تتبع لها.. فاليوم يبدي ما يقدر 100 بنك مركزي عالمي وإقليمي اهتماماً بإصدار عملات رقمية خاصة، وبدأت ستة بنوك مركزية بالفعل في تجارب إصدار عملات رقمية أو تطوير بنيتها القانونية والتقنية. ويعتقد أن تطوير البنوك المركزية عملاتها الرقمية والرشادة في استخدامها وتطويرها سيكون بمنأى عن مخاطر العملات الرقمية الخاصة. ويتوقع أن تتفوق عملات البنوك المركزية الرقمية على نظيرتها الخاصة لكونها أكثر مرونة، وأرخص في الإصدار، وأكثر أماناً واستقراراً.. وستحاول البنوك المركزية، من خلال إصدار عملاتها الرقمية المحلية، الاستفادة من ميزات العملات الرقمية التي يمكن التعامل معها بسهولة ومرونة أكثر، واستخدامها في حالات الكوارث والمناطق النائية من دون الحاجة إلى بنية مصرفية أي العمل عن بعد . ويمكن أن توفر العملات الرقمية قنوات لتحقيق السياسات العامة بفاعلية أكبر من وسائل التبادل التقليدية. ويساعد استخدام العملات الرقمية الرسمية على تجنب التعاملات الإجرامية والإرهابية وغير القانونية والتهرب الضريبي.
ويسعى – قدر المستطاع – إلى الحد من التأثيرات الممكنة والسريعة في حركة رؤوس الأموال، والحد من مخاطر السحب أوالتدفقات المفاجئة والضخمة لرؤوس الأموال من خارج البلدان أو إلى داخلها. وبالطبع يمكن تصميم عملات أكثر مواءمة لخصائص الدول وسياساتها ومستويات تطورها وتصميم ما يناسبها من هذه العملات سواء برفع شمولية الدعم والتحويلات والمدفوعات المالية وإيصالها إلى الشرائح السكانية المختلفة والمناطق الجغرافية النائية أو قليلة السكان. ويزيد من إمكانية وصول شرائح مجتمعية معينة إلى الخدمات المالية، كما يمكن استخدامها كوسيلة احتياطية للقنوات المالية الاعتيادية.
لكن السؤال الأهم: هل يمكن أن يحد التعامل بالعملات الرقمية المحلية من الفساد المالي وتبييض الأموال وتكديس الأموال من دون تثميرها..؟!