حرب تشرين التحريرية في الذاكرة الشعبية.. لا صوت يعلو فوق صوت الانتصارات

درعا- تشرين: 

واحد وخمسون عاماً مرت على ذكرى حرب تشرين التحريرية التي شكلت المنطلق لعصر ‏المقاومة والانتصارات على العدو الصهيوني وأسطورة جيشه الذي لا يقهر، تلك الحرب التي ‏لا تغيب عن ذاكرة كل من عاصرها صغاراً كانوا أم شباناً، إذ ما زالوا يعيشون في ذاكرتهم ‏تفاصيلها التي حملت في طياتها بهجة الذكرى وفرحة الانتصار. ‏

مآثر خالدة
يعود الحاج هايل الطعمة من مواليد عام ١٩٥٥ بذاكرته إلى أيام الحرب عندما كان في بداية ‏شبابه حينها، مستذكراً محطاتها وما حملته من وقفات عز وشموخ أعادت للعرب أمجادهم ‏وانتصاراتهم، كما يقول. ‏
يشير الطعمة إلى أن حرب تشرين التحريرية هي الأولى التي يبادر بها العرب لمواجهة العدو ‏الصهيوني ويحققون الانتصار، إذ لا تزال مشاهد تلك الأيام ماثلة في الأذهان، حيث كانت ‏النسوة والأطفال والشيوخ يصعدون إلى أسطح المنازل ليروا تساقط طائرات «الفانتوم» ‏و«الميراج» الصهيونية بنيران أبطال الجيش العربي السوري، لافتاً إلى أن تلك المشاهد لا ‏تنسى، فهي لا تزال عالقة في ذاكرة كل من عاصر الحرب وشهد مآثرها وما سطره جيشنا ‏الباسل خلالها من بطولات خلدها التاريخ.‏
وشكلت الانتصارات التي تحققت وما تخللها من مشاهد إسقاط الطائرات الإسرائيلية – حسب ‏كلام الطعمة- حافزاً معنوياً لدى الجميع آنذاك، فمع كل طائرة معادية كانت تهوي كانت ‏أصوات وابتهالات ودعوات كبار السن ترتفع مباركة هذا النصر، بينما تنطلق زغاريد النسوة ‏ويعلو تصفيق الأطفال في مشهد يعكس الفرح بانتصار الوطن، كأن الجميع في عرس وطني ‏وليس في ساحة حرب. ‏

فرحة التحرير
بدوره يشير محمد العمران إلى الروح المعنوية العالية التي سادت لدى الجميع، ويضيف: كان ‏عمري حينها ١٨ عاماً، وما زلت أتذكر بالتفصيل مجريات الأحداث، وخصوصاً ما عشناه من ‏نشوة النصر، كنا نشاهد بأم العين كيف كانت الطائرات الإسرائيلية تتساقط بصواريخ الجيش ‏العربي السوري، لا وجود لشيء اسمه خوف، لقد كان الجميع متشوقين لرؤية انكسار وهزيمة ‏جيش العدو، وينتظرون فرحة التحرير واستعادة الكرامة.‏
تفاصيل ولحظات مشبعة بالعزة والكبرياء عاشها الرجل الستيني وهو يستعيد بذاكرته مشاهد ‏الحرب التي عاشها أيام حرب تشرين، مؤكداً أن السوريين اجتمعوا على حب وطنهم، فلا ‏أصوات كانت تعلو فوق أصوات الفخر التي تصدح في كل مكان، لا حديث للناس إلا عن ‏الحرب، وما يجري فيها، وانتصاراتها واستبسال جنودنا في ساحات المعارك، فهي حرب ‏العزة والكرامة.‏
واليوم يرى العمران أن انتصارات حرب تشرين تشكل البوصلة التي ستعبّد الطريق نحو ‏انتصارات جديدة بفضل دروس هذه الحرب التي نستلهم منها ثقافة المقاومة ومعاني الشهادة ‏والتضحية ‏والفداء في سبيل الوطن، فنحن أصحاب الأرض وأصحاب الحق، والحق يعلو ولا ‏يعلى عليه.‏
وفي سياق الحديث عن مآثر حرب تشرين تجلى الجانب الوطني في الأهازيج والأغاني ‏الوطنية التي تغنت بتلك الانتصارات، هذه الأهازيج التي باتت جزءاً لا يتجزأ من تراث ‏منطقة حوران بسهلها وجبلها، وما زال الأهالي يرددونها في مناسبات الأعراس ‏وحلقات الدبكة.‏
ومن هذه الأهازيج «وطنّا حنا فدوى لك حنّا وطنّا.. وفي تشرين قدمنالك ضحايا في تشرين»، ‏وأغنية يقول مطلعها «صاروخنا بالجو من غير طيار.. يهجم على الفانتوم ويجعلها دمار»، ‏وغيرها الكثير من الأهازيج والأغاني التي خلدت الانتصار وباتت جزءاً من التراث.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار