من سيشغل منصب رئيس الجمهورية؟
تشرين- بقلم: إدريس هاني:
تأكد من خلال التجارب السابقة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، صعوبة التنبؤ بالرئيس الإيراني القادم. وهذا مؤشر على أمرين: قوة المؤسسات ودينامية الناخب الإيراني. من يا ترى كان يتوقع أن يفوز أحمدي نجاد بمنصب الرئيس في التباري مع الشيخ رفسنجاني ذات مرة؟ الانتخابات في إيران ليست مسألة حسابية قابلة للتنبؤ، بل هي مقيدة بشروط صارمة حول أهلية المرشح، يضمن جدواها ويضبطها مجلس صيانة الدستور، وذلك لضمان النزاهة والإرادة الحرة وتحصين العملية الانتخابية من مظاهر الاستغلال وضمان تساوي الحظوظ الانتخابية بعيداً عن تأثير ولعبة النفوذ أو المال الانتخابي، في ضوء ميثاق أخلاقي للانتخابات.
اليوم الاثنين سيغلق باب الترشح للرئاسة، حيث بدا من بين المرشحين أحمدي نجاد الرئيس الأسبق الذي فاز بدورتين، وكذا سعيد جليلي أحد أهم المفاوضين في الملف النووي، ود.لارجاني رئيس مجلس الشورى سابقاً، وعبد الناصر همتي حاكم المصرف المركزي السابق، لكن مجلس صيانة الدستور سيحسم في مسألة القبول أو الرفض، لأن اختصاصه ضبط المرشح الذي يتوفر على أهلية الترشيح، وذلك في الحادي عشر من الشهر الجاري.
لا شك أن الخلف المتوقع للسيد رئيسي، سيكون مطالباً بإكمال الورشات المفتوحة والمشاريع قيد الانجاز، كما أن الشعب الإيراني تعود على دينامية الرئيس رئيسي في الحضور والمتابعة، فلقد وقع الحادث المؤلم في سياق تدشين مشروع تنموي ضخم، وأيضاً متابعة ملف العلاقات الخارجية لا سيما تجسير العلاقات الإيرانية- العربية، فلا مجال أمام الرئيس القادم للتراجع عن الأجندة المطروحة، حيث شكل بروتوكول التعزية وحضور الوفود العربية، لا سيما من مجلس التعاون الخليجي، فرصة لمزيد من المضي في هذا المجال، ومؤشر على وجود بيئة وإرادة لتحسين العلاقات مع المحيط الإقليمي، فما يميز هذه الدورة الإستثنائية من الانتخابات الرئاسية، هو كونها جاءت إثر فاجعة وحدث أليم أودى بحياة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ووفد مرافق لهما، انتخابات تخفض من حسابات التباري والتنازع بين التيارين الرئيسيين في البلاد، لأن انتظارات الشعب الإيراني كبيرة على صعيد المطالب الاجتماعية والمسار التنموي كسائر البلدان، واحتواء آثار العقوبات، وأيضاً انتظارات الدولة فيما يخص تدبير عدد الملفات الخارجية، حيث واحد منها الملف النووي.
لقد شكل الموت الدراماتيكي لرئيس الجمهورية محفزاً لكسر الجليد، لكن يبقى أن ما من رئيس قادم إلا وهو مطالب بالعمل في الإطار العام لمبادىء الجمهورية، وفي مقدمتها: تحرير العلائق الدولية في إطار السيادة واستقلالية القرار .
وتأتي المشكلات الإقليمية في سياق النقاش حول مدى استمرار السياسة الإيرانية نفسها، غير أن هذا ليس مرتهناً لإرادة الرئيس، بل هو مرتهن لإرادة أمة، جعلت الغرب يختار الطريق الصعب مع إيران، طريق إسقاط النظام، أي إسقاط ثورة، وهذا ما جعل المنطقة تدخل في تداعيات سوء الفهم، لأنه تاريخياً “لا يمكن محاربة ثورة”، إن طريقة احتواء إيران لآثار العقوبات في الداخل، هي مدرسة في الاقتصاد السياسي للأزمات، فضلاً على أنها مؤشر على قدرات فائقة في الصمود.
كاتب من المغرب العربي