على هامش المؤتمر الدولي حول صمود الأسرة
تشرين- ادريس هاني:
كان لي الشّرف أن تكون لي كلمة افتتاح مؤتمر صمود الأسرة في طهران إلى جانب وزير الثقافة والإرشاد الاسلامي د. محمد مهدي إسماعيلي، المؤتمر الدولي الذي لم يكتمل شقّه الأخير، نتيجة قرار توقيف كل النشاطات عشية حدوث الفاجعة، وتُساعدني الكلمة المفتوحة على التفكير بصوت عال، لأنّ التصميم غالباً ما يُقيِّد التفكير، حيث هذا الأخير لا يتم ضربة واحدة وكفى، بل هو في كل يوم بشأن جديد، في كل آن.
ولعلّ من بين ما لفت انتباهي، هو أن الأسرة هي مأوى الوجود، حتى اللغة التي اعتبرها هيدغر مأوى الوجود، فإنّ اللغة نفسها انكشاف واكتشاف داخل الأسرة التي تعني أيضاً شعرية المكان، المكان الذي نتحسسه كجزء وذاكرة أنطولوجية، المكان الأوّل كبعد للدازاين.
لا تسعى الموجة الجديدة إلى تقويض الأسرة، فهذا تحدّ إنساني يشاركنا فيه الشّق الغربي المقاوم هو نفسه للرأسمالية الجديدة التي دخلت مرحلة الاستثمار والتحكم في البضاعة الرمزية، حيث ظلت الأسرة قلعة صامدة في وجه الاختراق الرأسمالي إلى حد ما، الموجة الجديدة لا تسعى إلى تقويض الأسرة، بل هدفها إنتاج تصور جديد، تبعية القيم العليا للبضاعة، استكمالاً لشمولية السيطرة.
كانت اليد الخفية موضوعاً بريئاً حدّ الأسطورة، فاستقرار سوق العرض والطلب لدى الكلاسيك مضمون، لكن اليد الخفية اليوم ليست بريئة كما تصورها آدم سميث، ليت الكلاسيك اطلعوا على شطط الاقتصاد السياسي في زمن التباس القيمة المضافة والعبودية الجديدة، الغاية هي أن تضمحل سائر القيم ولا يبقى في العالم سوى البضاعة، حيث الرّهان على اليد الخفية والأخفى، ضمن شروط الاستعباد المطلق، حيث الأسرة ضامن لطراوة القيم والحصانة من سلطة البضاعة.
النّقاش العرضي العمومي حول الأسرة الذي لا يلامس جوهرها، يعيد إنتاج الهشاشة النظرية والالتباس، حيث إنّ النّقاش متى كان جدّياً ويتمتع بالشجاعة المعرفية، يمكن أن يحقق تقدّماً منهجياً.. إنّ موضوع الأسرة والمرأة والقيم، جبهة متقدّمة في نضال «الأنوسة» «=أحسن من أنسنة»، النضال الذي تعين تحريره من تفاهة الخطاب وسطوة من ليس لهم من الأنوسة إلاّ اللّسان الطويل والأنف الحشري وغريزة استغلال المفاهيم في التشغيب.
شكراً لمن بذل الجهد الكبير في إنجاح هذا الملتقى العلمي – شكراً- لحفاوة الاستقبال والتشريف، والرحمة للشهداء.
كاتب من المغرب العربي