ارتفاع أجور الشحن “داء الأسواق” وأبرز أسباب ارتفاع أسعار السلع.. ورئيس الجمعية السورية للشحن يفصح عن أرقام صادمة

تشرين- نور ملحم:
تشهد الأسواق السورية ارتفاعاً في أسعار السلع والبضائع خلال شهر رمضان، الأمر الذي أصبح حديثاً يومياً يؤرق المواطنين، الاضطرابات التي تشهدها الملاحة في البحر الأحمر كان لها أثر كبير على دول العالم بشكل عام وعلى سورية بشكل خاص، فبعد أن قررت شركات عالمية كبرى زيادة أسعار الشحن، لتجنبها السير عبر البحر الأحمر وقناة السويس التي تمثل نحو 15 % من حركة الشحن العالمية واتخاذ العديد من الشركات مسارات بديلة، إضافة لذلك فإن ارتفاع أسعار المحروقات وأجور الشحن الداخلي إضافة إلى ارتفاع الضرائب أثرت على الأسعار فكانت عبئاً مضاعفاً على التاجر والمواطن.

ارتفاع ما بين 300- 350% لأجور الشحن
رئيس الجمعية السورية للشحن والإمداد الوطني رياض صيرفي أكد أن أجور النقل البحري ارتفعت ما بين 300 و350% نتيجة أزمة البحر الأحمر ما أدى إلى توليد أزمة عالمية، انعكست على سورية بشكل كبير.

صيرفي: أجور النقل البحري ارتفعت ما بين 300 و 350% و 600 شركة فقط تعمل في الشحن الخارجي

وأشار الصيرفي في تصريح لـ ” تشرين” إلى أن الأزمة في سورية لها شقان أثرا على الأسعار بشكل كبير، والتأثير الأول أن مرفأ اللاذقية عليه عقوبات اقتصادية جائرة لذلك فإن أغلب السفن لم تعد تقصد المرفأ، حيث توجد شركة واحدة فقط تخدم المرفأ وكل 3 أو 4 أشهر لكي ترسو في المرفأ، هذا الأمر له دور في رفع الأسعار بحكم أننا نتبع البديل لوصول الحاويات إلى سورية.
موضحاً: سابقاً كنا نستخدم مرفأ العقبة أو بيروت ولكن تم رفع أجور كلفة الشحن من الأردن ولبنان بشكل كبير، وإضافة رسوم الترانزيت وعبور أيضاً، لذلك اليوم أصبحنا نستعين بمرفأ جبل علي في دولة الإمارات العربية المتحدة ليتم شحن البضائع والسلع بعد وصولها للمرفأ براً إلى سورية.

مشكلة الأجور
وأضاف رئيس الجمعية السورية للشحن والإمداد الوطني: نتيجة هذه العملية الطويلة تولدت لدينا أزمة جديدة وهي أزمة النقل البري من دبي إلى سورية، حيث ارتفعت الأسعار أيضاً ما بين 200- 230% التي بدورها أثرت على المستوردات بشكل عام نتيجة ارتفاع الكلف، حيث كانت الأجور 15 ألف درهم أصبح اليوم 30 ألف درهم (حوالي 8500 دولار).

وكشف الصيرفي، لو أردنا اليوم الاستيراد من الصين إلى سورية كمثال، كانت قبل الحرب تحتاج الحاويات والبواخر ما بين 23- 30 يوماً للوصول إلى مرفأ اللاذقية، اليوم تحتاج الحاويات إلى أكثر من أربعة أشهر للوصول، وهي مدة طويلة ولا تناسب التاجر أو الصناعي بحكم أن دورة المال تعد طويلة بهذا الوقت وتتغير بين يوم وآخر، فكلفة الشحن من الصين اليوم تجاوزت الـ 12 ألف دولار للشاحنة 40 قدماً، وذلك بحسب الميناء الذي تخرج منه علماً أن بعض السلع زهيدة الثمن أصبحت تكاليف شحنها أعلى من سعرها ذاته بضعف أو ضعفين.

الديب: تكاليف الشحن ارتفعت كون شركات النقل العالمية لا تخاطر ببواخرها العملاقة بالعبور في البحر الأحمر كما أن شركات التأمين لا تخاطر وتمنح التأمين على البضاعة

العقوبات الاقتصادية أثرت
ويلفت رئيس الجمعية إلى أن العقوبات الاقتصادية أثرت على الصادرات أيضاً سواء بارتفاع أجور الشحن أو الوقت، مثال لو أردنا إرسال “كونتينر” إلى السعودية أو الإمارات أو أي دولة خليجية، يترتب علينا أجور عبور للأردن وهي بحوالي 2000 دينار أردني (حوالي 2850 دولار)، على كل شاحنة حيث يتم تحميل هذا المبلغ على المنتج.
ويبيّن أنه ورغم جميع هذه العقبات سورية ما زالت تستورد وتصدر لأغلب الدول وأكثر الأحيان نقوم بالتصدير لدولة معينة لتقوم هذه الدولة بتصدرها من جديد تحت مظلتها للدولة التي نرغب بالتعامل معها بحكم تخوف الدولة المتعامل معها من العقوبات وبهذه الطريقة تمكنت البضائع السورية الوصول إلى أوربا وأمريكا.

دول متعاونة ودول تصنع العقبات
واعتبر الصيرفي أن أكثر الدول تعاوناً مع سورية من حيث النقل البري هي العراق، بينما الأردن أكثر تعقيداً بحكم أنها دولة مستفيدة من الأزمة السورية ورغم الاجتماعات العديدة والمناقشات لتذليل العقبات، لكن لا توجد نتائج تبشر بالخير، فلا يوجد تجاوب واضح، أما بالنسبة إلى لبنان فهي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها أيضاً قامت برفع الرسوم للضعف.
وعن أجور الشحن لدول الجوار، بيّن أنها تبلغ 2000 دولار إلى لبنان مع الرسوم الجمركية، وحوالي 15-16 مليون ليرة من دون رسوم، بينما أجور الشحن إلى العراق 2000 دولار وتصل مع الرسوم الجمركية وفق نوع البضاعة لـ 12 ألف دولار، وبالنسبة إلى السعودية فالأجور مع الرسوم الجمركية السورية تتراوح ما بين 5-6 آلاف دولار، لافتاً إلى أن الأجور متغيرة بشكل يومي تقريباً.
وأضاف: التسهيلات كان من المفترَض أن تشمل النقل والتمويل وإجازات الاستيراد للتخفيف من الأعباء والتكاليف لأن كلفة الشحن ستنعكس على المنتَج في المحصلة، إذ إن رفع قسط الشحن والتخليص الجمركي سيؤدي إلى رفع سعر المُنتَج والسلع على المستهلك، فالأزمة إقليمية وتلقي بظلالها القاسية على الجميع خلال الفترة القادمة ونأمل أن يكون هناك حلول.

الزيادة من الحكومة والتاجر والمستهلك
وختم الصيرفي حديثه بأن المنتجات السورية لها سمعة طيبة في أسواق الدول المجاورة حيث شهدت السوق العراقية على سبيل المثال تطوراً كبيراً لجهة استيرادها المنتجات السورية، وبخاصة بعد معرض “صنع في سورية” الذي يتم من خلاله البيع المباشر وبذلك نستطيع دراسة حاجة السوق للبضائع السورية.

900 شركة تعمل في مجال الشحن
تنسّق الجمعية السورية للشحن بالتعاون مع الاتحاد السوري لشركات النقل لإيجاد طرق ووسائل تخفف تكاليف الشحن من سورية وإليها من موانئ أخرى قريبة وخاصة مع توقف الكثير من الخطوط البحرية والجوية عن العمل معها، وهو ما سبب ضغطاً على باقي الخطوط البحرية التي تخدم الموانئ السورية أو الموانئ القريبة.
كما تتواصل الجمعية وفق رئيسها بشكل مباشر مع منظمة الشحن العالمية (فياتا) من أجل إيجاد حلول لعملية الشحن البحري والجوي والتواصل مع الوكلاء حول العالم لتحقيق أفضل خدمة في مجال الشحن وأفضل سعر.

مدة الشحن من الصين ارتفعت من شهر إلى أربعة أشهر..!

تشير الاحصائيات إلى وجود حوالي 900 شركة شحن في سورية 600 تعمل في مجال الشحن الخارجي والترانزيت وحوالي 300 شركة تعمل في الأسواق المحلية بسبب صعوبات الشحن الخارجي منها عدم وصول البواخر العالمية إلى المرافىء السورية، والتي تزيد من كلف الشحن والتخليص الجمركي.

شركات لا تخاطر ببواخرها
يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي الديب في تصريح لـ” تشرين” إلى أن تكاليف الشحن في سورية ارتفعت كون شركات النقل العالمية لا تخاطر ببواخرها العملاقة بالعبور في البحر الأحمر كما أن شركات التأمين لا تخاطر وتمنح التأمين على البضاعة ما اضطر الشركات إلى اتباع الطرق البديلة الأربعة عن البحر الأحمر، وأصبحت منطقة جبل علي هي وجهة البضاعة القادمة إلى سورية والأردن ولبنان والدول المجاورة.
وأضاف الديب: التجار التي لديها بضاعة مثبتة قبل أزمة البحر الأحمر قامت بتعديل أسعارها وفق التكاليف الجديدة التي فرضت عليها لافتاً إلى أنه لا توجد حلول لضبط الأسعار في الأسواق المحلية إلا في حال تمكن الجهات المسؤول من حماية مستهلك بالسيطرة على الأسواق وقيام الحكومة بتأمين البديل الاستيرادي، بمعنى أن تستورد الدولة لحسابها الخاص، وهذا الشيء ليس خاطئاً، فنحن لدينا تجارب سابقة في الثمانينيات حول استيراد الدولة.
مبيناً أنه رغم كل المحاولات الحكومية لمنع الغلاء، لا تزال أسعار المواد في الأسواق تأخذ منحاً تصاعدياً، لذلك يجب كف يد التجار عن هذه الأمور، وخاصة الحاجات الأساسية للشعب، كالسكر والرز وغيرها وتستوردها لحسابها وتخفض الأسعار، وتضبط الأسواق عن طريق محاسبة المستورد كبداية وانتهاء بتاجر المفرق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار