القادم أغلى.. قطاع التريكو وصناعة الألبسة إلى الوراء بسبب ضعف التصدير وصعوبات الاستيراد والكهرباء
دمشق- حسام قره باش:
ما زالت تداعيات رفع أسعار الكهرباء والمازوت تُرخي بظلها الثقيل على أسعار السلع التي لا غنى للمواطنين عنها، فلاحقاً سترتفع أسعار الألبسة أكثر مما هي عليه اليوم خاصة مع تطبيق التسعيرة الجديدة للكهرباء الصناعية مع الاعتماد الكلي عليها في تشغيل المعامل وتخلي 90٪ منها عن استخدام المازوت.
وإذا كانت هذه الأسعار لم تعد قابلة للحل في حسابات المواطن وقدرته الشرائية المتهالكة فقد صار همّه منصّباً على تأمين قوت أسرته ولو على حساب احتياجه للألبسة وعجزه عن شرائها، فالقميص الرجالي سعره 300 ألف ليرة والبنطال 185 ألف ليرة والقادم “أغلى” مع اقتراب الأعياد الشهر المقبل.
المشكلة الأكبر
رئيس الجمعية الحرفية للتريكو براء دعبول في تصريحه لـ” تشرين” لم يخفِ استياءه من تدهور هذا القطاع الحيوي، خاصة بعد رفع تسعيرة الكهرباء أضعافاً مضاعفة، متوقعاً ارتفاع أسعار الملابس وحتى الجوارب الشهر المقبل مع بدء دفع فاتورة الكهرباء وفق التسعيرة الجديدة وتوقف 85٪ من المعامل عن العمل نتيجة تأثر الحرفيين بذلك، إضافة إلى ما يعانونه من مشكلات توقف التصدير وصعوبات استيراد المواد الأولية وهجرة العمالة الماهرة إلى الخارج، واصفاً رفع أسعار الكهرباء بالكارثة على صناعة التريكو والجوارب، فبعد ما كانوا يدفعون ثمن كيلو الكهرباء 800 ليرة سيدفعون الدورة القادمة 2400 ليرة ما يجعل الأسعار ترتفع مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، مؤكداً أن الأسعار الحالية هي على أسعار الكهرباء السابقة التي سترتفع لاحقاً.
دعبول: بعد رفع تسعيرة الكهرباء أضعافاً مضاعفة، من المتوقع ارتفاع أسعار الملابس وحتى الجوارب الشهر المقبل مع بدء دفع فاتورة
ورأى أن هذه الخطوة بمنزلة ضربة قاضية لكثير من المعامل التي أبلغ بعض أصحابها الجمعية بنيّة إغلاق معاملهم مع دفع أول فاتورة كهرباء بالسعر الجديد، معتبراً هذا الأمر أكبر مشكلة تواجه القطاع بالتوازي مع صعوبة الاستيراد عبر المنصة.
صعوبات الاستيراد
و اعتبر دعبول أن من أسباب ارتفاع أسعار الألبسة، استيراد المادة الأولية من الخيوط لإنتاج التريكو والجوارب التي شكلت عبئاً إضافياً على كلف المواد الأولية وقطع الإكسسوارات التي ارتفعت كثيراً وبالتالي أثرت في سعر المنتج النهائي.
الكهرباء وفق التسعيرة الجديدة وتوقف 85٪ من المعامل عن العمل نتيجة تأثر الحرفيين بذلك
كما أوضح أنه كمستورد للخيط كان يحضر 15 حاوية واليوم يقتصر استيراده على حاوية واحدة في الشهر بسبب تعقيدات التمويل التي زادت علينا ضغط التكاليف بسبب القطع الأجنبي وأدت إلى ضعف الاستيراد والعمل والإنتاج، في الوقت الذي نفتقد فيه تصنيع الخيط محلياً سوى معمل أو اثنين في حلب، واستيرادنا للخيط من الهند والصين حيث زادت أيضاً أجور الشحن والأسعار من أرض المنشأ أصلاً.
وبالنسبة لمشكلة السماح باستيراد وجوه الأحذية أوضح أن الجمعية رفعت كتب الاعتراض على ذلك إلى الاتحاد لوجود معامل تريكو تصنعَّها وبدوره سيرفعها إلى وزارتي الصناعة والاقتصاد لدراسة الأمر.
تراجع التصدير
بالمقابل، لفت دعبول إلى أنه منذ ثمانية أشهر انخفض التصدير بنسبة أكثر من 50٪ مع دخول أسواق منافسة من دول الجوار كتركيا ومصر لأنها أرخص من عندنا، وبالتالي أدى هذا إلى كساد الإنتاج لدينا لزيادة التكاليف واقتصارنا على تسويق الإنتاج لبيعه داخلياً والذي أدى أيضاً إلى إغراق السوق بالبضائع نتيجة توقف تصريف الإنتاج واضطرار صاحب المعمل والورشات لتقليل ساعات العمل وإلغاء الوردية الليلية، وقد يتوقف معمله نهائياً الشهر المقبل، وسيترتب على ذلك انصراف الحرفي للسفر خارج القطر أو البحث عن مهنة أخرى لكي يعيش.
انخفض التصدير بنسبة أكثر من 50٪ منذ ثمانية أشهر مع دخول أسواق منافسة من دول الجوار لأنها أرخص
وأضاف: لقد اضطر صاحب العمل لتخفيض عامل الجودة من أجل البيع لأن القطعة ذات النوعية العالية لم تعد تباع في السوق المحلي لارتفاع ثمنها خاصة مع ارتفاع سعر كيلو القطن من 30 إلى 50 ألف ليرة وهو يشكل عصب مهنتنا مع الكهرباء كما ذكرنا.
وتابع دعبول: التصدير كان يساعد 50٪ من المعامل في تغطية تكاليفها والتعويض، ولكن بتوقفه تراجع هذا القطاع كثيراً، كما توقف أكثر من نصف عدد المعامل عن الإنتاج، حيث كان التاجر العراقي مثلاً يأخذ ألف دزينة وصار يكتفي حالياً بـ50 دزينة بسبب الرخص والمنافسة اللذين وجدهما في أسواق مجاورة، وكل ذلك حسب رأيه بسبب صعوبات تمويل الاستيراد أولاً، وغلاء الكهرباء ثانياً لدرجة أصبح فيها المنتِج عاجزاً عن رفع سعر بضاعته داخلياً لغياب التسويق الخارجي والظروف الاقتصادية الحالية.
منطقة الإنتاج
تعد منطقة الزبلطاني والكتل الموجودة فيها مختصة بالتريكو وصناعة الجوارب لتشكل ما نسبته 70٪ من هذه الحرفة، حيث توجد فيها 400 معمل وورشة أكثر من النصف بقليل منها تعمل نهاراً فقط وحوالي 15 معملاً يستمر العمل فيها بنظام الوردية الليلية وبالتالي انخفض الإنتاج كثيراً بسبب العقبات المذكورة، إضافة إلى ارتفاع التكاليف الضريبية المفروضة، إذ دخل العام الماضي حوالي 80٪ من معامل الزبلطاني في التكليف الضريبي حسب توضيحه، منوهاً إلى دفع ضرائب كبيرة بعد أن كانت مقبولة سابقاً.
ارتفع سعر كيلو القطن من 30 إلى 50 ألف ليرة
وأشار إلى أن المنتج أصبح محاصراً بعوائق كثيرة أثرت في حركة العمل والإنتاج واضطرار 80٪ من أصحاب المنشآت لتخفيض الإنتاج وإيقاف الآلات، حيث صارت المعامل التي تعمل ليلاً تعد على أصابع اليد، مبيناً أن المنطقة وكتلها تشكل مورداً جيداً للاقتصاد والخزينة وحتى الكهرباء ستنخفض تحصيلاتها مع توقف الكثير من المعامل التي أصبح عملها يقتصر على ثماني ساعات بعد أن كان على مدار الساعة، علماً أن الخط معفى من التقنين.
وأكمل حديثه بأن هذه الحرفة شعبية وفقيرة وكل من يعمل فيها وضعه الاقتصادي دون الوسط، وتحتاج إلى تسهيلات وتذليل الصعوبات كي تستمر في الإنتاج لكونها حرفة ذات أثر جيد على القطاع الحكومي من كهرباء وجمارك وضرائب، والذي سيتأثر بتأثرها، مختتماً حديثه بأننا إذا لم نصدر فسنخسر وسترتفع الأسعار أكثر فأكثر وتكسد البضائع لأن المواطن اليوم اهتمامه منصرف لتأمين غذائه أكثر من الألبسة، لدرجة أصبح شراء الملابس وحتى الجوارب نوعاً من الرفاهية، على حد قوله.
حماية المستهلك
وتحسباً لأي تجاوز في ارتفاع الأسعار يرى مدير حماية المستهلك في دمشق محمد ماهر بيضة خلال تصريحه لـ “تشرين ” أنه بالنسبة لموضوع الألبسة يتم التعامل معها حسب الحالة، ففي حال كان منتجاً يجب عليه التقدم ببيانات تكلفة للقطع المنتجة لتتم دراستها سعرياً من المديرية لبيان مطابقتها للسعر المعلن من خلال سحب عينات للدراسة السعرية.. أما إذا كان البائع حائزاً وغير منتج فستتم مطابقة السعر المعلن مع فواتير الشراء وتنظيم الضبوط بحق المخالفين وأن الأمر غير متروك للاتفاق بين البائع والشاري وهو أمر منظم ومتابع.