ماذا بعد ورشات العمل والندوات حول تطوير إدارة القمح وإنتاجيته؟.. الأرقام والاستيراد تجيب عن التساؤلات

حماة- محمد فرحة:
منذ أكثر من خمس سنوات وأكثر من ذلك، والبحوث العلمية الزراعية تجري بحوثها على العديد من أصناف القمح، بهدف الوصول إلى المبتغى بأصناف تقاوم المناخ وتتحمّل المتغيرات المناخية، من إنتاج متوازن يخفف من وطأة الاستيراد بالقطع الأجنبي.
ومع ذلك مازال إنتاجنا من القمح بتراجع كبير في وحدة المساحة، رغم أن بيت القصيد و”زبدة” كل هذه المجريات والورشات تكمن في شيء واحد، مؤدّاه توفير الأسمدة أولاً وعاشراً.
ولعل السؤال الجوهري المطروح بإلحاح اليوم هو: هل يعقل تخصيص ٣ كيلوغرامات من الأسمدة للدونم الواحد من “الثلاثي السوبر فوسفات” وهو المحتاج إلى ١٥ – ٢٥ كيلوغراماً وفقاً للخبير والباحث الزراعي الدكتور سمير جداوي ومدير بحوث الغاب الزراعية سابقاً، وهل من المعقول تخصيص الدونم الواحد بليتر ونصف الليتر من المازوت لزوم الفلاحة؟
وفي صدد ورشات العمل وما أكثرها، فقد أقامت البحوث العلمية الزراعية قبل أيام ورشة عمل تخصصية في مكتبة الأسد من أجل تطوير إدارة القمح، وتارة أخرى نسمع شعاراً بأن الأسمدة للقمح فقط، ومع كل هذا لم نر مردوداً إنتاجياً وفيراً كما نريد ونرغب.
ففي هذه الورشة التي أقامتها البحوث العلمية الزراعية، والتي تهدف إلى مواجهة المتغيرات المناخية، أشار فيها وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا إلى أننا نستورد من القمح سنوياً مليوناً ونصف مليون طن، ما يشي بأن إنتاجنا لم يلامس أو يقارب المليون طن بعد رغم كل التركيز والملتقيات والورشات واستنباط أصناف مقاومة وملائمة للمتغيرات المناخية، بل قد يكون الموسم القادم هو الأسوأ لعدم توافر الأسمدة وعدم رغبة المزارعين في المضي قدماً بزراعة المحصول وهذا مؤسف جداً.. فما زال إنتاج الهكتار الواحد لا يتعدّى الـ ٣ آلاف طن، وفي أحسن الأحوال أربعة آلاف طن، وهو من المفترض في حال توافرت له مقوماته ومستلزماته أن يعطي وسطياً ٨ أطنان، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر البحوث العلمية الزراعية أنها منذ سنوات تعلن عن اعتماد أصناف من القمح كل عام تقريباً، وآخرها هذا العام، حيث تم إقرار صنف من القمح وآخر من الشعير.
إذاً المشكلة ليست بالبحوث العلمية الزراعية، وإنما في غياب مستلزمات المحصول، بدليل أن إنتاجنا كان يصل إلى خمسة ملايين طن، ففي عام ١٩٩٧ صدّرنا ٨٨٥ ألف طن قمح، وفي عام ١٩٩٦ صدّرنا ٥١٥ ألف طن من جراء ارتفاع مخزون الحبوب.
من جانبه، ذكر مدير الإنتاج النباتي في الهيئة العامة لتطوير الغاب المهندس وفيق زروف أن المساحات التي تمت زراعتها بالقمح بلغت حتى اليوم ٨٠٠٠ هكتار، وبخصوص كميات البذار التي يشير إليها المصرف الزراعي بأنها أقل من العام الماضي، نضيف هنا إن العديد من المزارعين لديهم البذور الخاصة بهم من موسم العام الماضي.
وختم حديثه بأن المساحة المقرر زراعتها في مجال هيئة تطوير الغاب هي ٥٥ ألفاً و٥٠٠ هكتار، زرعت منها ٨٠٠٠ هكتار، وما زال الوقت متاحاً لزراعة المزيد، وأنهم موجودون في الحقول الإشرافية لمراقبة عمليات الزراعة طوال أيام العطلة القادمة لرفع تقارير دورية إلى وزارة الزراعة عن كل المجريات.
بدوره، بيّن المهندس خالد شريدة الاختصاصي بالقمح في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في اتصال هاتفي معه، أنه تم الانتهاء من العمل على العديد من أصناف القمح رسمياً، وسيتم تسليمها لمؤسسة الإكثار للعمل على تكاثرها وزيادة غلتها إلى حين نتوصل لإنتاج كميات كافية لكي توزع على المزارعين لزراعتها.
وفي معرض إجابته عن سؤال “تشرين” لماذا مازال مردود وحدة المساحة قليلاً جداً، رغم كل ذلك؟ أوضح شريدة أنه لم يحصل على كامل احتياجاته من الأسمدة وغيرها، وهو نقص بالمستلزمات، كاشفاً أن هذه الأصناف تعطي لديهم أثناء التجارب البحثية في الهكتار الواحد من ٦ إلى ٧ أطنان، في حين عند المزارعين أقل من ذلك بكثير، والسبب النقص بعمليات الخدمة والأسمدة.
لذلك نأمل ونرغب بأن نرى أقماحنا بيادر تملأ صوامع تخزينها ويوقف استيراد المادة ويتسابق المزارعون في الإنتاج وزرع كامل الخطة الزراعية المقررة، ويزيدون عليها، في حين تعدهم وزارة الزراعة بأن تسعيرة شراء القمح ستكون قبل موسم الحصاد وستحقق لهم هامش ربح، في الوقت الذي يرى فيه المزارعون أنها لو كانت هذه التسعيرة اليوم لحفزتهم أكثر لزراعة المزيد، وما ذكره خبير القمح في البحوث العلمية الزراعية يؤكد صحة ما ذهبنا إليه بأن «وفّروا الأسمدة واتركوا الباقي على المزارعين»، وهذا ما كانت طلبته يوماً سيدة عجوز في سهل الغاب من وزير زراعة سابق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار