دراسة صادمة تكشف عن الجيل الأسوأ نفسياً وعقلياً
تشرين:
من المنطقي أن الأحداث الصعبة المتعاقبة، التي مر بها العالم في السنوات الأخيرة، سواء بسبب الأوبئة أم الفيضانات والعواصف والفيروسات، أو الحروب والدمار الذي حلّ بأكثر من دولة، تسببت بأضرار نفسية للبعض.
وفي نتيجة صادمة توصلت إليها دراسة أجرتها جامعة سيدني في أستراليا، أقيمت من أجل تحديد الجيل الذي مر بالأسوأ من حيث الحالة العقلية والصحة النفسية، تأتي الصدمة بأن مواليد التسعينيات عاشوا المرحلة الأصعب من الحياة، ويمتلكون صحة نفسية أسوأ من أي جيل سابق، ولا يتعافون مع تقدمهم في السن.
وأكدت الدراسة أن هناك تدهوراً ملحوظاً بالصحة العقلية لكل جيل متعاقب منذ الخمسينيات.
واستخدم الباحثون دراسات استقصائية لتتبع الصحة العقلية لنحو 30 ألف شخص بالغ على مدار عقد من الزمن، ووجدوا أن الجيل الأصغر لم يكن هو الأسوأ فحسب، بل أظهرت مشكلاتهم العاطفية علامات قليلة على التحسن على مدار الدراسة، على عكس الأجيال الأكبر سناً.
الدراسة صادمة لجيل كامل لا يزال في ريعان شبابه، إذ أكدت أن الأشخاص الذين وُلدوا في التسعينيات، يظهر عليهم تدهور واضح في الصحة العقلية بشكل أكبر من أي جيل سابق، والأكثر سوءاً أنه لا يبدو أن هناك تحسناً سيحدث لهم مع التقدم بالعمر، ما يعني عدم تعافيهم من هذه الحالة النفسية السيئة، كما تشير النتائج إلى أن تحديات الصحة العقلية لا تؤثر فقط في الأجيال الشابة بشكل أكثر خطورة، لكنها تؤثر في كل جيل يقترب ببطء من الشيخوخة، حسب ما نشرته مجلة «Proceedings of the National Academy of Sciences».
ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن الدراسة قولها: إن عوامل عدة أدت إلى تلك المأساة التي يعيشها جيل التسعينيات، لعل أبرزها التوتر الاجتماعي، وسوء التغذية، والضغوط النفسية والعوامل الاقتصادية إلى جانب الكوارث البيئية والطبيعية التي حدثت في السنوات الماضية، بينما تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية النفسية لهذه الفئة العمرية.
وتستمر الأبحاث والدراسات في استكشاف هذه الظاهرة لفهم الأسباب الدقيقة وراء هذا التغير في الصحة العقلية للأجيال الحديثة، ما قد يساعد في تطوير استراتيجيات أفضل للعناية بالصحة النفسية وتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة.
ومن المثير معرفة أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام، شريك أساسي في هذه الحالة المتدهورة، حسب ما أدلى الدكتور بيتر بالدوين، أحد كبار الباحثين في معهد بلاك دوغ، إذ أوضح أن الأشخاص الذين وُلدوا في الثمانينيات كان لديهم الإنترنت، بينما الأشخاص الذين وُلدوا في التسعينيات وما بعدها يتعرضون لها بشكل أوسع وأعمق ما يولد «طوفاناً» من المقارنات الاجتماعية التي تؤثر سلباً في الصحة العقلية.
من جانبه، قال المؤلف الرئيس للدراسة، الدكتور ريتشارد موريس، زميل الأبحاث في كلية الطب والصحة: إنه يشتبه منذ فترة طويلة في أن الأشخاص في الثلاثينيات من العمر هم أكثر عرضة للإصابة بمرض عقلي مقارنة بمن هم في الخمسينيات من العمر، لكنه أضاف: إن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها العلماء الفرق في مجموعات المواليد.
هذه التطورات البحثية تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى فهم تأثيرات التكنولوجيا في الصحة العقلية، وتقديم الدعم المناسب لتخفيف الضغوط النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأفراد.