سعر الكيلو يقترب من 100 ألف ليرة.. زيت الزيتون وحسابات الاحتكار والمتاجرة والأسعار العالمية
درعا- عمار الصبح:
لم تستقر أسعار الزيت حتى الآن، وذلك على الرغم من مرور شهرين على بداية الموسم وانطلاق عمليات عصر الزيتون في محافظة درعا، وسط أنباء عن إحجام المزارعين عن البيع بانتظار اتضاح الرؤية، وفي ظل طلب متزايد من قبل التجار، الذين قطعوا كل أمل على ما يبدو بانخفاض الأسعار أو على الأقل استقرارها.
وعلى عكس التوقعات التي سبقت انطلاق الموسم والتي بشّرت بعدم ارتفاع الأسعار، شهدت الأخيرة نمواً مطرداً، حيث سجل سعر صفيحة الزيت /16/ كغ، ارتفاعاً واضحاً في بداية تداولات الموسم عند عتبة المليون ليرة، ليبدأ بعدها مسلسل الارتفاع وصولاً إلى مليون و300 ألف ليرة، فيما لا يبدو الرقم ثابتاً حتى الآن، وسط توقعات بأن يصل سعر الصفيحة إلى مليون و500 ألف، تزامناً مع طرح عبوات صغيرة بسعة كيلو واحد وبسعر يقترب من 100 ألف ليرة.
أحد أصحاب المعاصر وفي حديثه لـ”تشرين”، لم ينفِ مسألة إحجام كثيرين عن البيع في بداية الموسم، مع الأنباء التي كانت متداولة عن أن الأسعار ستشهد ارتفاعات أخرى، وهذا ما حصل فعلاً حسب وصفه، مبيناً أن ثمة طلباً متزايداً على المادة من قبل المقتدرين مادياً والراغبين بالشراء لأغراض المؤونة ممن يترددون على المعاصر بقصد الشراء مباشرة من المزارعين، في وقت يفضل أغلبية المزارعين تأجيل البيع للحصول على سعر أفضل، باستثناء قلة فقط من أصحاب الحيازات الصغيرة أو المضطرين للبيع لتسديد أجور القطاف والنقل والعصر.
وكشف صاحب المعصرة عن أن دخول التجار على خط المتاجرة بالمادة ليس بجديد، وهو أمر كان يحدث في مواسم سابقة، لكن المختلف هذا الموسم أن هذه الظاهرة طفت على السطح بشكل أكبر، ودخول التجار فيما يشبه المزادات للحصول على أكبر كميات مطروحة من المادة.
وشهدت أسعار الزيت هذا الموسم ارتفاعات قياسية مقارنة بالموسم الماضي، حيث تضاعفت الأسعار قرابة خمس مرات، من 300 ألف ليرة للصفيحة في بداية الموسم الماضي وصولاً إلى مليون و300 ألف في هذا العام، وهو ما أخرج المادة من قائمة الأساسيات والكماليات أيضاً، ووضعها في قائمة “المستحيلات” على حدّ وصف أحد المواطنين، الذي أشار إلى عدم قدرة الكثيرين، وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود، على شراء ولو جزءاً بسيطاً من مؤونة الزيت هذا الموسم، ما دفعهم للتحايل على الوضع بشراء كميات محدودة لا تتجاوز بضعة كيلو غرامات، وخلطها بالزيت الأبيض، لتأمين الحد الأدنى من المؤونة.
بدوره، وضع الخبير الزراعي المهندس أيهم شحادات جملة من الأسباب، أدت حسب اعتقاده إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون هذا الموسم، ومنها ارتفاع تكاليف الإنتاج، وفي مقدمتها أجور القطاف وتكاليف النقل والعصر وثمن العبوات، وهي أجور باتت توازي أو تزيد على التكاليف الأساسية كالرّي والتسميد والمكافحة الحشرية، لافتاً إلى أن أسعار بداية الموسم عادة ما تكون معتدلة وهو ما يفتح شهية التجار لاستجرار أكبر قدر متاح من المادة من الأسواق بغية المتاجرة بها في السوق المحلية أو تجهيزها للتصدير عندما يكون الأمر متاحاً.
وكشف الخبير الزراعي عن أن ثمة مستجدات طرأت على أسعار الزيت هذا العام، وهي الارتفاعات العالمية غير المسبوقة، والتي ترافقت مع انخفاض المحصول في أبرز الدول المنتجة، ومنها إسبانيا على سبيل المثال، حيث انخفض إنتاجها إلى النصف بفعل الجفاف، ووصل سعر الكيلو الواحد من الزيت إلى أكثر من 9 يورو، ويمثّل هذا الرقم أعلى سعر تمّ تسجيله على الإطلاق لزيت الزيتون الإسباني بقفزة سنوية بنسبة 111%.
وأشار إلى أن من محاسن ارتفاع الأسعار محلياً عودة الاهتمام بزراعة الزيتون في المحافظة، وقد ظهر ذلك جليّاً من خلال إقدام المزارعين على تقديم كل رعاية ممكنة للأشجار المزروعة من عمليات سقاية وتسميد ومكافحة، وطلب الاستشارات الزراعية من أصحاب الشأن، أو من خلال التوجه لتجديد الأشجار الخارجة عن حيّز الإنتاج واستبدالها بأصناف أخرى ذات إنتاجية أعلى وأكثر جدوى.
ويقدر إنتاج محافظة درعا من ثمار الزيتون خلال الموسم الحالي بنحو 25 طناً، فيما تشير التقديرات إلى إنتاج ثلاثة آلاف طن من الزيت هذا الموسم.
وتبلغ المساحة المزروعة بأشجار الزيتون، وفق تأكيد رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية الزراعة المهندس وائل الأحمد، قرابة 23 ألف هكتار مزروعة بنحو 3.421 ملايين شجرة، المثمر منها 3.331 ملايين شجرة من أصناف “الإسطنبولي والقيسي والصوراني والنبالي وأبو شوكة”، التي تنتشر في أغلب مناطق المحافظة وتزرع بعلاً ومروية.