قطاع غزة.. «إسرائيل» ووهم النجاة بالعملية البرية

تشرين – ابراهيم شير:
دخلنا في الأسبوع الثالث من عملية «طوفان الأقصى» ورد كِيان الاحتلال الإسرائيلي الهستيري والإجرامي عليها، وقبل أن نسهب في هذا الملف علينا أن نسأل أنفسنا هل يحق لكِيان الاحتلال الرد، وهل هو في موقع الضحية والمعتدى عليه؟.. وعلينا تأكيد نقطة وهي أن الفلسطينيين هم الضحية الحقيقية وخصوصاً سكان قطاع غزة المحاصرين منذ 17 عاماً، ألا يحق لهم الانتفاض، ألا يحق لهم الثورة على من حاصرهم وجوّعهم؟
ما حدث في قطاع غزة في يوم 7 تشرين الأول هو ثورة في مواجهة نظام فصل عنصري يُحاصر المدنيين ويجوعهم ويمنع عنهم أساليب الحياة كلها ويضطهدهم ويقصفهم ويحاربهم، وبعد كل هذا الفعل ألا يحق لهم الثورة في عرف المجتمع الدولي؟.. هذا المجتمع الذي يطلق على «جبهة النصرة» الإرهابية إلى اليوم اسم «المعارضة المسلحة» فكيف الحال بمقاومة خرجت من رحم شعب وتمثله وانتصرت في عام 2006، وأجبرت العدو على الاندحار.
منذ عام 1945 وبعد هزيمة النازية في ألمانيا روجت الصهيونية العالمية لمصطلح «المحرقة أو الهولوكوست» وفكرة الاضطهاد اليهودي في أوروبا على يد النازيين ومنذ بداية هجرتهم إلى فلسطين المحتلة في أواخر العشرينيات وحتى اليوم ارتكبوا جرائم بحق الفلسطينيين أكبر وأكثر وأعنف مما يزعمون أن النازيين ارتكبوها بحقهم، وحصارهم قطاع غزة خير دليل على تطبيق سياسة المعتقلات النازية التي يروونها في كتبهم، وهي أرض فيها مجمعات سكنية يحيط بها سياج عازل وطعام قليل ومعتقلون كثر، أي اكتظاظ بالبشر وطعام لا يكفي ربعهم وكذلك المياه والدواء، وعمل على مدار الساعة وتعذيب واضطهاد وعنف دائماً.
وبالنظر الآن إلى قطاع غزة كيف الوضع فيه؟.. ألا يشبه هذا القطاع المعتقلات النازية؟ وهنا يوجد سؤال يراودني هل كان الصهاينة الأوائل مثل تيودور هرتزل منظرين للنازية والنازيين؟ حتى جاء من بعدهم من هو أكثر إجراماً منهم ويطبق ما يقول إن النازية تفعله بالحرف، بل تجاوزوا النازية بمراحل وباتت تتعلم منهم.
«القيادة العسكرية الإسرائيلية» تقول إن هدفها هو القضاء على المقاومة ولكن هل تستطيع ذلك؟ وهل المقاومة أمر طارئ على القضية الفلسطينية والشارع الفلسطيني أم هي خارجة من رحمه؟
المقاومة هي دين الشعب الفلسطيني فعلى مدى نحو ثمانية عقود لم تنطفئ نار المقاومة لديهم، وبالتالي فكرة القضاء عليها هي فكرة مراهقين في السياسة والعسكرة والحديث بها هو حديث شخص يتحدث بما لا يعرف وهذا خير تشبيه لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي مني بهزيمة كبيرة ومعه اليمين المتطرف في السابع من تشرين الأول الجاري، وها هو يذهب نحو الانتحار على أسوار غزة.
منذ السابع من تشرين الأول الجاري وحتى العاشر من الشهر نفسه، عملت آلة الاحتلال الإعلامية عملاً كبيراً لإظهاره بصورة الطرف المعتدى وفعلاً نجحت إلى حدًّ ما في أخذ الطرف الغربي إلى صفه، ولكن غاراته الإجرامية على قطاع غزة كشفت حقيقة وجهه الإجرامي وبدأت الكفة تميل لصالح الفلسطينيين، ويومياً هناك تظاهرات فيما يزيد على 20 دولة مؤثرة في العالم جلّها في أوروبا وكندا والولايات المتحدة.
الفلسطينيون في غزة يخسرون يومياً شهداء وجرحى ومبانيَ مهدمة ولكن هل خسروا المعركة؟ طبعاً لا والدليل أن خسائر الاحتلال ليست أقل من خسائرهم، وإلى اليوم هناك نصف مليون إسرائيلي فروا للنجاة بجلدهم من ضربات المقاومة، سواء من مستوطنات غلاف غزة أو من المناطق البعيدة، بالإضافة إلى استدعاء ما يزيد على 360 ألف جندي للاحتياط يعني تركهم وظائفهم وشركاتهم من أجل التعبئة للخدمة العسكرية، وهذا أدى إلى توقف أجزاء من الاقتصاد، وقبل عملية طوفان الأقصى كان الأداء الاقتصادي لكيان الاحتلال يمر بمرحلة صعبة، إذ انخفض بنسبة 60% في الاستثمار الأجنبي بالإضافة إلى تدهور قيمة «الشيكل» خصوصاً في سوق الأسهم وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم وتزايد توقعات تباطؤ نمو الاقتصاد، فأتت هذه الحرب لتضربه في مقتل وبما دفع بالمليارات الدولارات للهروب من أسواقه وذلك إلى جانب التحشيدات العسكرية التي تستنزفه استنزافاً دائماً وكبيراً.

القصف الإجرامي على قطاع غزة تمهيداً للعملية العسكرية البرية التي يريدها نتنياهو، إذ يظن أنها ستنجيه من مصير الزوال هو ورفقة يمينه المتطرف، ووفق أحدث استطلاع رأي أجرته صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية، حمّل 75% من الإسرائيليين نتنياهو المسؤولية عن الفشل في إيقاف عملية «طوفان الأقصى»، وما يزيد على نصف ناخبي حزب الليكود -حزب نتنياهو نفسه- يطالبونه بالاستقالة، وما يزيد على 64% من الإسرائيليين يطالبون بانتخابات مبكرة، وبالتالي يسعى نتنياهو جاهداً إلى العملية البرية ولكن هل سينجح بها؟ قبل أيام نفذ جيش الاحتلال قصفاً عنيفاً على شمالي قطاع غزة ووجه عملياته في تلك المنطقة ثم حاول الاختراق من الجهة الجنوبية وتحديداً من خان يونس، فوجد وحدات اصطياد المدرعات التابعة للمقاومة بانتظاره فدمرت دبابة الميركافا والمجنزرات وقتلت وأصابت طواقمها، وكانت هذه رسالة واضحة للكيان بأن أي عملية برية تكلفتها عالية وباهظة جداً، فإذا أراد الدخول بألف دبابة وعربة عسكرية فسيكون نصفها بعداد المدمر مع طواقمها وهذه تكلفة لن يستطيع تحملها جيش الاحتلال، والعملية البرية انتحار لنتنياهو، ونحن بانتظاره.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟