«سهيل الذيب».. الأديبُ والصحفيُّ يوقّع الفصلَ الأخير من رواية الحياة
تشرين- علي الرّاعي:
بين ولادته في قرية صمّا- السويداء سنة 1954، ورحيله في دمشق أمس 2023؛ تسعٌ وستون سنة، تلك ما منحته الحياة لزميلنا الأديب والصحفي في جريدة تشرين سهيل الذيب ليقول كلمته فيها.. وها هم الزملاء اليوم في نعيه؛ يشهدون على أنّ تلك كانت الكلمة الطيبة التي تنوعت شواغلها من كتابة المقال الصحفي كمحرر بارز في الدائرة الثقافية في صحيفة تشرين، يكتب الزاوية والمقال ويجري الحوارات، ويقوم بمتابعة الكثير من الفعاليات الثقافية.. إلى أديبٍ متزن من دون ادعاء أو استعراض، حجز لنفسه المكان اللائق في المشهد الثقافي والأدبي السوري، فبرز في كتابة القصة القصيرة، وكذلك في مجال كتابة الرواية، وختمها بمحموعة شعرية وحيدة، وسجل في رصيده الأدبي في: «الكاتب والشرطي، الرياحين، وزناة».. متأثراً بالكتاب الروس – كما يذكر – ولا سيّما «تشيخوف» بعد أن أدمن الإغريق و«الإلياذة»، و«الأوديسة»، و«طروادة»، و«هكتور» و«أخيل» و«أوديسيوس» و«سقراط» و«أرسطو»، بعدها – يُضيف- أنه انتقل إلى حنا مينة وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ و«فيكتور هيغو» و«إميل زولا» و«سارتر» وغيرهم، وأيضاً هاني الراهب ومحمد الحفري ومحمد الطاهر، وثمة كثيرون وكثيرات لهم الفضل في تكوين ذائقته الإبداعية والفكرية على ما كان يروي.
سنوات قليلة جمعتني بالأديب سهيل الذيب في الدائرة الثقافية في صحيفة «تشرين»، لأنه عندما تمّ تعييني في (تشرين)، كان الذيب يتجه بسنواته صوب التقاعد، كما عرفته جيداً في الفعاليات الثقافية التي كنا نحضرها معاً إضافة لتشاركنا الهموم والشواغل الثقافية نفسها صحافةً وأدباً، لأنني أول ما كتبت في الأدب كان مجموعتين قصصيتين في بداية وخاتمة العقد الأول من هذا القرن.
وكانت ثمة أحاديث طويلة جمعتنا، ولاسيما في القصة القصيرة، والآراء المتناحرة حول القصة القصيرة جداً.. وكان الذيب – وهذا ما لمسته دائماً – الصوت العاقل والمتزن، والبعيد عن الاصطفافات والشللية، وما أكثرها في الوسطين الصحفي والثقافي حينها.
وفي حديثه عن نفسه، يذكر الذيب في أحد الحوارات التي أجريت معه: «أنا من عائلة جاعت كثيراً وأدقعت، أبي يدعى «تركي» وسمّي بهذا الاسم ربما خوفاً من بطش الدولة العثمانية، وأمي «غازية الذيب» مناضلة كبيرة كأبي، عملا في «لبنان» لتعليم الإخوة الستة وأختهم الوحيدة، وكلهم رضعوا المسؤولية والمحبة.. ويُضيف: أبصرت النور في قرية «صما الغربية» التابعة لمحافظة السويداء عام 1954، تعلمت في مدرسة القرية الوحيدة، وانتقلت في الإعدادية والثانوية إلى السويداء، ومن ثم إلى دمشق وجامعتها، حيث تخرجت في قسم اللغة العربية، عملت معلماً وكيلاً ومدرساً مساعداً ثم توظفت، بعد ذلك عملت مدققاً لغوياً في جريدة «تشرين» وانتقلت إلى قسمها الثقافي بعد أن سافرت إلى أمريكا أربع سنوات ابتغاء للرزق وشراء بيت، وعملت في أمريكا عاملاً عادياً ومحاسباً، وكنت أكتب المقالات الأدبية الساخرة في صحيفتي «الأخبار» و«بيروت تايمز» مجاناً، تقاعدت عن العمل الوظيفي عام 2014 ولكنني ما زلت صحفياً في هيئة تحرير «الأسبوع الأدبي» الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، وأصدرت حتى الآن ديواناً شعرياً واحداً هو «العرس والساقطة» ولي ثلاث مجموعات قصصية «الكاتب والشرطي، الرياحين، وموت وقيامة» وأكثر قصصها تتحدث عن الحرب على «سورية» وأصدرت ثلاث روايات هي: «مذكرات في زمن ما، زناة، وآثام».
بقي أن أشير إلى أنّ الزميل سهيل الذيب يحمل إجازة في الأدب العربي، من جامعة دمشق، وبعد التخرج عمل في الصحافة- صحيفة تشرين، وهو إضافةً لذلك عضو في اتحاد الصحفيين السوريين، وهو كذلك عضو اتحاد الكتّاب العرب – جمعية القصة والرواية.
الزملاء في صحيفة «تشرين» يتقدمون من أسرة الزميل سهيل الذيب بخالص العزاء لهم ولكلِّ محبيه، وليكن ذكره مؤبداً.