الوساطة الروسية ما بعد «فيلنيوس».. إعادة تصويب وتحديد.. وسورية تجدد: الانسحاب التركي أولاً

تشرين – مها سلطان:
شهر ونصف الشهر تقريباً منذ آخر اجتماع رباعي متعلق بمسار التقارب بين سورية وتركيا «22 حزيران الماضي في أستانة»، وليس هناك أي جديد، أي حديث، أي إشارات من نوع ما، حول لقاء محتمل، حتى بدا كأن هذا المسار دخل فعلياً مرحلة تجميد، علماً أنه بين الكواليس قد لا يكون كذلك، بدليل أن كل تحرك سياسي بين العواصم الأربع، دمشق، موسكو، طهران، أنقرة يتم ربطه بشكل أو آخر بهذا المسار، وبسؤال أساسي: متى سيكون موعد الاجتماع الرباعي المقبل؟ كما هي الحال في زيارة فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين إلى إيران وما إذا كانت المباحثات تطرقت إلى استئناف قريب للاجتماعات الرباعية، أم إن الوساطة الروسية – الإيرانية ستستمر لفترة غير معلومة، عالقة عند تصريحات الرئيس التركي رجب أردوغان- قبل نحو أسبوعين – الرافضة للانسحاب من سورية بزعم أنه يريد القضاء على الإرهاب أولاً. وكان الوزير المقداد قد رد على هذه المسألة تحديداً بالتشديد على أن الجيش التركي يحتل جزءاً من الأراضي السورية ولا بد من خروجه لكي تكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين.
«والحال نفسها بالنسبة للمحتل الأميركي، حيث جدد الدكتور المقداد أنه على جيش الاحتلال الأميركي أن يخرج من الأراضي السورية قبل إجباره على ذلك.. أما مسألة القضاء على إرهاب تنظيم «داعش» فإن سورية وأصدقاءها قادرون على تحقيق ذلك».
كما أن هناك العديد من التطورات والأحداث «ذات الصلة» يجري ربطها أيضاً بمسار التقارب السوري – التركي، خصوصاً إذا كان الحديث عن الوساطة الروسية وتأثرها بمواقف أردوغان الأخيرة خلال قمة حلف شمال الأطلسي «ناتو» في فيلنيوس/ ليتوانيا «12 تموز الماضي» وخلال فترة التحضير لها، وهي المواقف التي اعتبرتها روسيا لا تصب في مصلحة العلاقات الثنائية ولا تخدم مستقبلها، وهي التي قطعت أشواطاً واسعة كانت محط اهتمام ومراقبة الجميع حتى إنه تم وصفها بأنها مثال يُحتذى، لاسيما على المستوى الاقتصادي، وما قدمته روسيا خدمة لتركيا ولتعزيز موقعها الاقتصادي «وحتى العسكري» بمواجهة الضغوط الغربية -الأميركية.
وإذا ما تحدثنا سياسياً فإن الوساطة الروسية منحت تركيا ورقة القوة الأهم سياسياً لتكون على المستوى نفسه مع الولايات المتحدة ووجودها الاحتلالي في الشمال والشمال الشرقي، ورغم أن روسيا ما زالت على امتعاضها من مواقف أردوغان، ورغم أن المسؤولين الروس تكاد لا تسمع لهم تصريحاً واحداً بخصوص مسار التقارب أو اجتماع رباعي محدد زماناً ومكاناً، إلا أن هناك شبه إجماع بين المراقبين على أن روسيا ستستأنف قريباً جهودها على مسار التقارب، لأن في تطبيع العلاقات السورية – التركية مصلحة لها أيضاً، كما هي مصلحة لإيران التي تتشارك مع روسيا الوساطة، وذلك على قاعدة أن التطبيع مصلحة ثنائية ستنعكس على جميع المنطقة، استقراراً وأمناً وقوة اقتصادية، لكن تبقى العقدة المستعصية في تركيا.
ربما علينا في الأيام المقبلة التركيز على الزيارة المحتملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا، التي بدأ الحديث عنها خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد أن تأجلت على خلفية مواقف أردوغان الأخيرة، ولا شك في أن هذه الزيارة، «علماً أنه لا تصريحات رسمية بخصوصها»، إذا ما تحققت فإن سورية ستكون بلا شك على رأس المباحثات التي ستكون حافلة وحامية وفق تطورات ما بعد قمة «ناتو».
في كل الأحوال لم يكن من المرجح أن يتم إلغاء زيارة الرئيس بوتين، لأن تلك التطورات نفسها تحتاج إلى لقاء مباشر، كما أن العلاقات الروسية – التركية ربما تحتاج إلى إعادة تصويب، وإعادة تحديد الأولويات، والمصالح، وربما إعادة قراءة للاتفاقيات الموقعة، العسكرية والاقتصادية، مادام أردوغان وسّع سياساته المراوغة وألاعيبه لتشمل روسيا، بمعنى أن أردوغان إذا ما أراد أن يتعامل مع روسيا وفق هذه السياسات فلا بد أن يكون هناك حديث آخر معه، وربما هذا ما سيفعله بوتين، وقد لا تكون مهمته عسيرة في ظل أن أردوغان لم يحقق شيئاً حتى الآن من استدارته الأخيرة باتجاه الغرب وأميركا، كما أن زياراته الإقليمية ما زالت نتائجها غير معلومة، ففي البيانات الرسمية تبدو زيارات جيدة، لكن لا بد من انتظار النتائج على الأرض، إلا أن تركيا ليست في وضع يتحمّل الانتظار طويلاً، وحتى الآن لا يستطيع أردوغان الحديث عن مواعيد محددة لظهور النتائج على الأرض، وهذا لن يخدمه في لقائه مع بوتين.

وعليه.. هل يمكن توقع جديد مختلف فيما يخص الوساطة الروسية؟ وهل إن تحديد موعد لاجتماع رباعي جديد مرتبط بنتائج زيارة بوتين إلى أنقرة، أم إن روسيا- بكل الأحوال- هي بصدد استئناف وساطتها في المرحلة المقبلة، على قاعدة الفصل بين القضايا، وباعتبار أنه لا بد من وجود تركيا عندما يتعلق الأمر بسورية، وقد تعمد روسيا إلى أن تتراجع للخلف قليلاً مقابل أن تتقدم إيران (وبالتوافق طبعاً) ليبقى التعاون قائماً فيما يخص سورية ومسار التقارب؟ وكيف يمكن تحقيق اختراق في مسار اجتماعات تراوح مكانها رغم أنها مستمرة منذ أشهر؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟