جيشنا الباسل في عيده الـ 78.. طوبى لجباه مُكللة بغار البطولة والنصر.. لسواعد مرفوعة دائماً وأبداً دفاعاً وتضحية وأملاً

تشرين – مها سلطان:
.. وفي السنة الـ13، ومن دون «استراحة محارب» ما زال جيشنا الباسل على جبهات العز يخوض معارك الوجود والهوية، ثابتٌ لا يبرح ساحاتها، لا يستكين أو يهين، الهزيمة لا مكان لها مهما طال زمن الحرب الإرهابية، ومهما بلغ حجمها ومستواها.
.. وفي السنة الـ13، ما زال السر قائماً.. السر في صمود جيشنا ولماذا لم يتفكك وينهار بمواجهة أعتى مؤامرة يمكن أن يتعرض لها جيش في العالم أو تتعرض لها دولة.
يعترف تحالف الحرب والمتآمرين المُجندين تحت إمرته بأنهم أنفقوا سنوات في الدراسة والتحليل وفي تلقي التقارير من عملائهم ومأجوريهم بأن الجيش السوري لن يصمد أكثر من أسابيع قليلة، فهم لم يتركوا عِلّة ولا ذِلّة إلا وألصقوها به، وكان أن اطمأن المعتدون فبدؤوا تنفيذ المؤامرة ميدانياً، ليصدمهم سريعاً زيف وكذب ما وصلهم، فوقعوا في شر أعمالهم.. فقد كان جيشنا بالمرصاد وبكل القوة والإيمان اللازمين لخوض المعارك وتحقيق النصر فيها.
ولا يزال تحالف الحرب، الذي تحول إلى تحالف محتلين/أميركي تركي/ يبحث عن السر ويعتقد متوهماً أن إطالة أمد الهجمة الإرهابية على سورية وتوسيعها فصولاً متوالية، ستحقق له ما عجز عن تحقيقه في «الأسابيع الأولى».. إنهم لا يصغون لحديث الميدان، لحديث جيشنا وقيادته، لحديث سورية- وهي أصدق إنباءً- بأن جيشنا كان وسيبقى هو من يضبط ساعات الميدان على توقيت النصر الكامل المؤزر، مهما طال الزمن.
وإذا كنا في هذه الأيام نعيش أمجاد جيشنا الباسل في عيده الذي نحتفي به كل عام، في اليوم الأول من شهر آب، فإننا ومنذ عام 2011 كل يوم يمر هو يوم لتكريم جيشنا، وكل نصر يحققه هو عيد له وللوطن.. لولاه ولولا تضحياته ودماء شهدائه لما كنا ولما كان الوطن، فطوبى لجباه مكللة بغار النصر أو الشهادة.. طوبى لسواعد مرفوعة دائماً وأبداً دفاعاً وتضحية.. وأملاً.

إذا كان الأساس في ولادة جيشنا هو الانتصار ودحر المستعمر الفرنسي

وإذا كانت نواته الأولى معركة ميسلون فهو لن يسمح أن يكون وطنه إلا حراً مستقلاً ودون ذلك الشهادة

لنبدأ التاريخ من أوله، لندرك السر، سر الصمود والتضحيات.. سر وطن قام ولا يزال بسواعد جميع أبنائه.. سر جيش خرج من كل السوريين، من كل المدن والبلدات والقرى، فكان جيشاً لكل سورية، لكل السوريين، وكان التاريخ يُكتب في فصلين، فصل يكتبه الجيش، وفصل يكتبه السوريون، لتبقى سورية الأقوى والعصية دائماً على كل عدو، على كل خوان وعميل ومتآمر.. هذا ما كان، وهذا ما سيكون دائماً.

 النواة الأولى
رسمياً.. هو العيد الـ 78 لجيشنا الباسل منذ أن تأسس – نظامياً / رسمياً – عام 1946 بعد تحقيق سورية استقلالها عن المستعمر الفرنسي.
تاريخياً.. يمكن القول إنه تجاوز قرناً من الزمان بخمس سنوات عندما تشكلت نواته الأولى في عام 1918 على يد يوسف العظمة القائد التاريخي الحاضر أبداً في وجدان السوريين، وذلك بعد دحر المستعمر العثماني وتشكيل أول حكومة وطنية، كان فيها يوسف العظمة وزيراً للحربية.. هذا الجيش خاض أول معارك المقاومة والنضال ضد المستعمر الفرنسي في ميدان ميسلون في 24 تموز عام 1920، ويُسجّل التاريخ معركة ميسلون في أنصع صفحاته:
أولاً.. كمعركة بطولة وتضحية، آثر أن يدخل ميدانها رغم إدراكه أنها غير متكافئة، فلا يدخل المستعمر مرة أخرى أرض سورية إلا فوق أجساد أبطاله، وحتى لا يُسجّل في وجدان السوريين أن أول جيش لهم بدأ مسيرته على هوان واستسلام، وكان لهذا الجيش ما أراد، وما زال السوريون يصرّون كل عام على الاحتفاء بذكرى معركة ميسلون وجيشها وقائدها، فلا يطويها الزمن، ولتبقى سِفراً بطولياً جيلاً بعد جيل.
ثانياً.. كمعركة رسمت عقيدة وطنية صلبة كانت دافعاً أساسياً لاستمرار النضال والمقاومة ضد المستعمر الفرنسي، مدعومة بنضال سياسي لرجالات سورية السياسيين في ذلك الوقت والمعروفون «برجالات الاستقلال».
ثالثاً.. كمعركة أسست لسورية جديدة موحدة على هدف النضال والاستقلال، وبناء دولة حرة قوية قائمة على وعي وطني مختلف بسورية، كحضارة وموقع ومكانة ودور، وبعيداً عن ربطها بمنظومات استعمارية إقليمية أو دولية وتحت ذرائع واهية، دينية تارة وتطويرية تارة أخرى.. وبالتالي لا بد أن تقوم سورية كدولة كاملة السيادة، كاملة البناء والقوة لتستمر ولتكون فخر أبنائها.

قوة الجيش.. وقوة الدولة
ولأنه تاريخياً ما قامت قائمة لدولة أو بلد إلا وكان للجيش الدور الأساس.. كان الاتجاه الوطني الجامع الأول للسوريين هو تشكيل جيش يحمي الدولة المستقلة باتجاهين: الأول تحصين حدودها والجاهزية الكاملة لمعارك المواجهة والدفاع والصمود، والثاني تحصين الجبهة الداخلية من خلال المشاركة في عملية البناء المادية والمعنوية.

لن يكون السوريين إلا ملتفين سياجاً حول من يُسيج الوطن ومن صمد لـ13 عاماً

قادر على الصمود لسنوات وعقود.. ولن يكون النصر إلا هدفاً وحيداً أولاً وآخراً

ولا يخفى كم كانت التحديات جسام في مرحلة ما بعد الاستقلال وما رافقها، على مدى عقدين تقريباً، من اضطرابات وتدخلات خارجية ومؤامرات بهدف منع أن يكون استقلال سورية كاملاً ناجزاً.. هذا قبل أن تستقر في بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث كان للجيش الدور الأبرز، وبما مكن الدولة – قيادة ومؤسسات – من أن تتفرغ لمرحلة البناء وترسيخ دعامات القوة والمنعة.
هذا كله يعرفه السوريون جيداً ويعرفون أيضاً أن لكل مرحله تحدياتها.. وأعداؤها أيضاً، وبعد كل خطوة تقدم وتطور تحققها سورية سيتضاعف عدد الأعداء وستتوسع عملية الاستهداف، ولذلك كان جيشنا مستعداً دائماً وفي كل المراحل ليُسقط التآمر والاستهداف ويُحصن الانجازات ويحمي عملية البناء فتستمر أعمق وأوسع..
وهذا ما كان وما يعرفه الأعداء جيداً قبل أن يتورطوا في وَهم ما نقله لهم العملاء والخونة ويغرقوا في أحلامهم بأن الجيش السوري ما بعد حرب تشرين التحريرية 1973 ركن، أي استرخى بعد أربعة عقود بعيداً عن الميادين والمعارك، وهذا ليس صحيحاً بالمطلق، فإذا كانت سورية نعمت بالاستقرار والأمن طيلة هذه العقود الأربعة، إلا أن الساحات المجاورة لم تكن كذلك.. المؤامرات والمخططات العدوانية التي كانت تستهدف الأمة العربية – خصوصاً سورية والدول جوارها – لم تتوقف، وكان لا بد لسورية وجيشها أن يبقى على أهبة الاستعداد.. أن يعزز قوته على كل المستويات، خصوصاً قوة الردع، ليكون قادراً على حماية سورية من انتقال الاضطرابات إليها، ومن أن تطالها المخططات العدوانية.. هذا عدا عن المواجهة مع العدو الإسرائيلي التي استمرت قائمة، وكان لسورية وجيشها دور في كل نصر تحقق ضد هذا العدو من خلال دعمها حركات المقاومة، وهذا الدعم لم يتوقف في أي وقت حتى بعد بدء الحرب الإرهابية عليها بعد عام 2011.

«أسرار» الصمود
يدرك السوريون أنه بقدر ما لبلادهم من دور ومكانة وموقع بقدر ما هو الاستهداف كبير لها، لذلك هم مثل جيشهم على أهبة الاستعداد دائماً، معه في كل ميدان: معركة واحدة ومصير واحد.. وهنا السر، هنا جوهر صمود الجيش السوري الذي أثبتته الأحداث ما بعد الـ 2011، وهو عملياً ليس بسر، فهذا ديدن الجيوش الوطنية.
أكثر من ذلك يستفيض السوريون – عندما يُسْألون – في عرض «أسرار» صمودهم وصمود جيشهم وقوته وتضحياته، ويزيدون سائلهم من كل «جبهة» – داخلية وخارجية – دليلاً يقدمونه باعتزاز ويؤكدون كيف ولماذا وفي كل مرحلة من تاريخهم سيكون النصر حليفهم، فيقولون:
1- إذا كان السوري يتربى على أن سورية هي أغلى ما يملك.. فكيف به إذا كان جندياً يعتنق سورية أمانة ويرفع أمنها راية لا تسقط .
2- إذا كان السوري يتربى على أنه منتمي سورياً للأمة العربية، معركتها معركته، ومصيرها مصيره، والدفاع عن دولها واجب مقدس كما هو واجبه المقدس في الدفاع عن وطنه سورية، فكيف بهذا السوري إذا كان جندياً وكان وطنه هو المستهدف، وكانت معركته معركة كرامة ووجود وهوية.
3- إذا كان السوري يتربى – نهجاً وتعليماً وثقافة – على المقاومة والنضال، وعاش وهو يرى وطنه يعلو ويسمو، ويحجز مكانة متقدمة في محيطه وعلى المستوى الدولي، له قراره وكلمته ودوره الذي لا يستطيع أحد تجاوزه.. كيف يفرط السوري بكل ذلك، وكيف له عندما يكون جندياُ إلا أن يقدم الأغلى في سبيل أن يبقى وطنه عالياً شامخاً.

 جيشنا يشبهنا
4- كل مجتمع حول العالم يضم خليطاً من الأديان والطوائف والمذاهب والثقافات، ومن الطبقات الاجتماعية والأحزاب السياسية.. الخ، ويتوزع أبناؤه بين ريف ومدينة، يمتهنون أعمالاً مختلفة متدرجة… وما يجمع أي مجتمع دون جدال هو الأعمدة التي تقوم عليها سيادة الوطن واستقلاله وفي مقدمتها الجيش.. ولكن في سورية – فقط – تجد جيشاً هو عبارة عن خليط متوازن متجانس بين جميع المكونات المذكورة، لذلك نقول: جيشنا يشبهنا.. والتاريخ يُسجل أنه بعد الاستقلال كانت إحدى المهمات الرئيسية للجيش هي التخلص من الطائفية التقسيمية التي فرضها المستعمر الفرنسي، خصوصاً أن مرحلة ما بعد الاستقلال شهدت اضطرابات امتدت لعدة سنوات كانت الانقلابات أبرز ما فيها، لكن جيشنا نجح في المهمة وفي تثبيت وجوده كمؤسسة وطنية تضم جميع أبناء سورية، لولا هذا النجاح لما كان السوريون اليوم مع جيشهم على قلب واحد في معركة واحدة.

إذا كان السوري تربى على المقاومة والنضال وعاش وهو يرى وطنه يعلو ويسمو..

كيف له عندما يكون جندياُ إلا أن يقدم الأغلى في سبيل أن يبقى وطنه عالياً شامخاً ؟

5- إذا كان الأساس في ولادة الجيش السوري عام 1946 هو الانتصار ودحر المستعمر الفرنسي، فكيف يمكن أن يقبل هذا الجيش بدخول مستعمر جديد ، بل مستعمرين من كل صنف ونوع.. وإذا كانت نواته الأولى معركة ميسلون فهو لن يسمح أن يكون وطنه إلا حراً مستقلاً ودون ذلك الشهادة.
6- أثبت جيشنا قدرة عالية على التكيف بسرعة – قل نظيرها – مع كل ما يستجد، في كل مرحلة من مراحل الحرب الإرهابية على سورية، خصوصاً وأنها حرب متعددة الجبهات والوسائل والمتآمرين، ليتمكن من الإمساك بزمام المبادرة صداً ورداً.. إذا كان هذا هو جيشنا فكيف إذاً الحال وهو مدعوم بقيادة حكيمة، صلبة وحازمة، لا تهادن ولا تساوم.. ومسوّر بالتفاف شعبي.. ويحظى بدعم قوى إقليمية ودولية لها وزنها وكلمتها على خريطة القرار العالمية.
لكل ما سبق، وغيره كثير.. تسقط كل رهانات الأعداء والمتآمرين مهما طالت حربهم الإرهابية فصولاً متوالية، عسكرياً واقتصادياً، على قاعدة إدامة الاستنزاف والإنهاك. ولن يكون السوريون إلا ملتفين سياجاً حول من يُسيج الوطن، ومن صمد لـ13 عاماً قادر على الصمود لسنوات أخرى، بل لعقود.. جيش لا يهين ولا يستكين ولن يكون النصر إلا هدفاً وحيداً، أولاً وآخراً.. يرونه بعيد ونراه قريب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟