مركز «زرع الخلايا الجذعية» يضع حداً نهائياً لمعاناة أطفال السرطان مجاناً

تشرين- أيمن فلحوط:
لم تكن رحلة العمل لإنشاء مركز زرع الخلايا الجذعية الدموية والمعالجة الخلوية للأطفال في سورية وإعادة تأهيله سهلة أبداً، إذ واجهتها صعوبات عدة تمثلت في تحديات حقيقية للوصول إلى الشكل الحالي للمركز، والتوجه لإعادة تأهيله والتوسعة فيه، وقد تمكن المعنيون وفقاً لمدير المركز الدكتور ماجد خضر من تجاوز تلك التحديات رغم الحرب على سورية، وأشكال الحصار المختلفة التي وقفت عائقاً أمام تأمين مستلزمات إعادة التأهيل.

التوسعة الجديدة
وكانت الوحدة الموجودة، كما يشير الدكتور خضر، لا تؤدي الهدف المرجو منها، فالغرف الخمس كانت تعاني من مشكلات في توزيع الهواء والعزل، لذلك كان التركيز في المركز والجهات المعنية باللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان، على تجاوز ذلك في التوسعة الجديدة للبناء، والعمل على أن تكون وحدات الزرع وما بعد الزرع والقطف إلى جانب بعضها، بحيث لا يضطر المريض أن يكون مع الآخرين في العيادات، وخاصة أن مريض الزرع يكون مصاباً مناعياً.

جهود وطنية
من هنا كانت البداية بزيارة مباركة للسيدة أسماء الأسد إلى المركز في وضعه السابق قبل التوسعة، وتم بتوجيهات الهيئة وبموافقة ودعم الجهات المعنية العمل على إعادة التأهيل والتوسعة، بعد إجراء الدراسات الهندسية والتحليلية والتصميمية والتنفيذية، وتوفير التقنيات وخاصة ما يتعلق بتنقية الهواء، وبجهود وطنية تم تركيب ماكينات التنقية الإضافية ومحطة الأوكسجين المنفصلة عن مشفى الأطفال والخاصة بالمركز، وتركيب الفلاتر الخاصة الموجودة فوق سرير المريض مباشرة، لكون المريض يبقى لمدة شهر ونصف الشهر في الغرفة، ولا يمكنه المغادرة في تلك الفترة.

انطلاق العمل
وبعد سنوات عدة من العمل والجهد الحثيث، ورغم الحرب والإرهاب وظروف الحصار، كان الإنجاز الحقيقي والنوعي بانطلاق العمل بالمركز في عام ٢٠٢١ بهدف علاج الأطفال المصابين بسرطانات الدم، وبعض السرطانات الصلبة وأمراض الدم الوراثية، وأمراض نقص المناعة الخلقية، حيث تم تجهيزه بأحدث التقنيات الطبية، مع اعتماد أعلى المعايير الفنية والهندسية، التي تكفل أفضل درجات الوقاية والتعقيم والعزل، التي تضمن سلامة الطفل المريض، ونجاح العمليات مع عزل طبي تام للطفل من دون أن يُبعده ذلك عن أمه وأهله، خصوصاً أن المركز جزء مهم وحيوي من منظومة متكاملة لمواجهة تحدي السرطان في سورية، ضمن البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، الذي أطلقته السيدة الأولى، ويعد أحد الإنجازات الطبية المهمة والمتطورة ليس في سورية فحسب، بل على مستوى المنطقة ككل.

أقسام المركز
يضيف الدكتور خضر: يقدم المركز عملياته مجاناً، حيث وضع حداً نهائياً للمشقة التي يتكبدها أطفال السرطان من جراء السفر إلى روسيا لإجراء هذه العمليات النوعية، وكذلك معاناة ذويهم من التكلفة الباهظة التي يتكبدونها إن هم قرروا إجراء هذه العمليات الضرورية لأطفالهم في دول الجوار.

مدير المركز: يعد الأول في سورية ويستقبل الأطفال المرضى من عمر شهر وحتى 14 عاماً

ويعد المركز الأول في سورية لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان وبعض الأمراض الأخرى، ويستقبل الأطفال المرضى من عمر شهر وحتى 14 عاماً.
ويتألف المركز من قسمين اثنين، هما شعبة زرع الخلايا الجذعية المكونة من وحدة زرع الخلايا الجذعية، وتضم 5 غرف عزل مجهزة بكل ما يلزم من بنية تحتية وتجهيزات طبية وتقنيات تعقيم، وتهوية عالية لإجراء عمليات الزرع حسب المواصفات العالمية، ووحدة بعد الزرع وتضم 3 غرف و4 أسرّة، ووحدة الإجراءات النهارية وتضم غرفة بـ 3 أسرّة، كما تضم شعبة زرع الخلايا الجذعية عيادة الزرع للمرضى الخارجيين. وغرفة زيارة لتواصل المرضى مع أقاربهم عبر شاشات مرتبطة بالإنترنت لضمان سلامة الحالة النفسية للمريض وإبعاده عن الإحساس بالعزلة أو الوحدة.
القسم الثاني هو مخبر زرع الخلايا الجذعية، المجهز بأحدث الأجهزة التقنية، ويضم السجل الوطني للمتبرعين بالخلايا الجذعية، ووحدة فصل الخلايا الجذعية، ووحدة التنميط النسيجي، ووحدة التجميد التدريجي، والغرفة النظيفة المحدثة حسب أفضل المواصفات العالمية والمخصصة لإجراء عمليات المعالجة الخلوية للخلايا الجذعية ودم الحبل السري بتعقيم عالي الدقة.
ويعمل المركز على نشر ثقافة التبرع بالخلايا الجذعية في المجتمع عبر موقع إلكتروني خاص به، مع التأكيد على عدم وجود أي تأثيرات على المتبرع، حيث تسجل بيانات المتبرعين، ويتم التواصل معهم عند الحاجة، كما يجري التحضير لإنشاء بنك للحبل السري إضافة لسجل وطني للمتبرعين بالخلايا الجذعية.

الإنجازات المتحققة
ويعدد مدير المركز ما تحقق من إنجازات، إذ تم الإعلان عن أول عملية زرع خلايا جذعية (ذاتي) عام 2021 في دمشق لمرتضى كينار، في حين أعلن عن أول عملية زرع (غيري)، في مركز زرع الخلايا الجذعية بمشفى الأطفال بدمشق بتاريخ الأول من تشرين الثاني عام ٢٠٢١ لطفل عمره 9 سنوات، أجرى عملية تبرع بالخلايا الجذعية ليسهم في إنقاذ حياة شقيقه البالغ من العمر 13 عاماً، الذي يعاني من سرطان دم نقوي حاد ناكس.
وتعد هذه العملية الأولى في المركز كعملية زرع “غيري” أي عملية زرع خلايا جذعية من مُتبرِع وليس من الشخص المريض ذاته، وهي عملية خطرة ومعقدة جداً وتحتاج إلى تقنيات وأجهزة عالية الجودة وكادر طبي خبير ومتخصص ونوعي.
مركز زرع الخلايا الجذعية الدموية والمعالجة الخلوية بمستشفى الأطفال بدمشق تتوافر فيه جميع تلك المقومات، التي ساهمت في إجراء 25 عملية منذ انطلاق العمل بالمركز، منها 7 عمليات زرع ذاتي و18 عملية زرع غيري بنسبة 28 بالمئة لعمليات الزرع الذاتي و72 بالمئة لعمليات الزرع الغيري، وتعددت عمليات الزرع في المركز لعلاج: 52 بالمئة لحالات الزرع لأطفال التلاسيميا وفقر الدم اللا مُصنع، و48 بالمئة لحالات الزرع لأطفال مصابين بالسرطان.
وتتم متابعة وضع المريض صحياً من 5 إلى 10 سنوات بعد الزرع حيث إن الطاقة الاستيعابية للمركز هي قبول 5 أطفال بالوقت نفسه لتصل من 40 إلى 50 طفلاً سنوياً تقدم لهم كل الخدمات مجاناً، رغم تكلفتها الباهظة التي تتجاوز 150 ألف دولار في دول أخرى، لتكون الأولوية للأطفال مرضى سرطان الدم ممن هم بحالة هجوع المرض، أما بقية الحالات فيمكن تأجيلها إلى وقت محدد ونسبة الشفاء عموماً تراوح بين 60 و90 بالمئة حسب الحالة.

الصعوبات
ويلخص مدير المركز الصعوبات التي تعترض عمل المركز بإنشاء البنى التحتية من النواحي الهندسية والمعمارية ضمن تقنيات خاصة للحفاظ على حرارة ورطوبة وتعقيم الغرف.
أما الأمر الآخر فهناك تحد مرتبط بتأمين الأدوية في ظل تداعيات الحصار لكونها أدوية نوعية وكذلك المستلزمات المخبرية من «كيتات» تحاليل مخبرية و«كيتات» قطف خلايا جذعية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي كيف نميز بين المظهر الحقيقي ونتجنب التظاهر المزيف؟