زيف الفواتير

كان فارق السعر الكبير الذي وصل إلى سبعة آلاف ليرة في الكيلو لأحد أنواع البسكويت الشعبي نفسه من محل لآخر، مدعاة استهجان كبير عند زميلي المشحون بهموم الحياة، وكي أتجاوز ردة فعله التي بدت غاضبة وقد تولِّد صداماً غير محمود النتائج، تدخلت على عجل بسؤال البائع: لماذا يزيد السعر عندك إلى هذا الحد؟ طبعاً بعد أن أوضحت له السعر المقابل.
وبسرعة بديهة لم تعجز صاحب المحل وسيلة الردّ، إذ همّ مباشرة بإحضار الفاتورة، وعرضها علينا ليظهر أن السعر عليه بالجملة أكثر مما لدى الآخر بالمفرق، وكان يظن أننا لن نتنبه إلى مدى صدقية تلك الفاتورة، فعند التمعن بها بدت بلا أي ختم وعلى الأغلب أنها معدة من قبله.
مثال آخر لمسناه من تسعيرة المتة، فهي لنفس النوع والحجم تباينت بين ثلاثة محال مررنا بها بفارق ليس بقليل، وعند استفسارنا كان كلٌّ من الباعة يضع مسوغاً بأن المصدر هو السبب، لكن بطرفة عين على تاريخ الوجبة انكشف زيف ادعائهم، فهو واحد.. أي لا فارق زمنياً بطرحها في الأسواق ليكون مبرراً لتبدل قيمتها تبعاً لاحتمال تبدل سعر الصرف الذي تلحق به عادة الأسواق، والأمثلة عن ذلك حدّث ولا حرج وعن مختلف السلع.
وبالعودة للفواتير، قد يلاحظ أن بعضها نظامي بالمظهر العام لكنه بالمضمون مخالف، حيث يمكن أن يتواطأ تجار الجملة بتزويد باعة المفرق بفواتير فارغة ممهورة بالتوقيع والختم النظاميين، وذلك لتمكينهم من تسطيرها عند الحاجة على مزاجهم وتكون مهيأة لإبرازها أمام الجهات الرقابية، وفي حالة أخرى ومن باب طرح المعاناة، عرض لنا أحد باعة الألبسة نموذجين من الفواتير التي يزودهم بها تجار الجملة، أحدها بالليرة لإبرازها للجهات الرقابية والأخرى بالعملة الصعبة وهي المعتمدة بينهما، وخاصةً إذا لم يكن ثمن البضاعة مسدداً بالكامل.
إنّ الضبوط التي تنظمها الجهات الرقابية بمخالفات عدم حيازة فواتير أو لإبراز فواتير غير نظامية ليس بقليل، وعلى سبيل المثال وصل عددها في درعا إلى ٢٣٣ ضبطاً منذ بداية العام، علماً أنها ليست بالمؤشر الحقيقي لكون الجولات الرقابية تقتصر على المناطق المتاحة فقط، بمعنى إن مثل هذه المخالفات التي تمثل تلاعباً واستغلالاً كبيرين بحق الفقراء باتت بمنزلة الظاهرة، وتؤشر إلى أن الإجراءات والغرامات باتت غير رادعة بدليل استمرار تفشيها، ما يستدعي ضرورة التشدد بها مع أهمية التنبه لعدم إغفال التأكد من مدى صدقية الفواتير وكشف زيفها، وهو ليس بالأمر العسير على الجهات الرقابية إذا ما شاءت ذلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار