الأمهات يتركن “الهمَّ” للمربية.. والأبناء يضرسون!

تشرين – دينا عبد:
لم تنشأ ظاهرة المربيات عن حاجة حقيقية أو ضرورة اجتماعية؛ بل أوجدتها الظروف المستجدة وما ترتب عليها من تغير سريع في السلم الاجتماعي وانتشار عدوى التقليد وحب الظهور؛ ثم ما لبثت الظاهرة أن استفحلت بظهور أسباب أخرى مثل خروج المرأة للعمل وتقليدها لأقرانها الذين تسمح لهم ظروفهم الاقتصادية بتوظيف مربية للقيام بمرافقة الأطفال وتلبية متطلباتهم.

د. سمر علي ( كلية التربية) قسم علم الاجتماع جامعة دمشق بيّنت لـ”تشرين” أنه رغم الدور الاجتماعي والإنساني للمربية؛ إلّا أنه لا يخلو من السلبيات خاصة في حياة الأبناء النفسية والاجتماعية والسلوكية؛ حيث تؤكد بعض الدراسات أن الطفل يمكن أن يكتسب المفردات والتعابير اللغوية للمربيات والتي ربما تكون غير لائقة كما أن نسبة ١٤% من الأطفال الذين يعانون عيوب النطق تبيّن أنهم من عائلات تستعين بالمربية في تربية الأطفال وتؤكد الدراسة ذاتها أن ٢٠% منهم تنمو لديهم الميول العدوانيةو قد تجعل الطفل كسولاً و خمولاً ويميل إلى العزلة والانطواء ؛ كما أن وجود المربية برفقة الطفل لفترات طويلة في ظل غياب الوالدين يؤدي إلى أن تتغير الصورة النمطية للأهل في ذهن الطفل وتتحول المربية إلى القدوة البديلة عن الأهل في السلوك والتفكير والتربية.
وتزداد المشكلة وضوحاً عندما يتعذر على الابن التواصل العاطفي والاجتماعي مع الأهل في الفترة الحرجة في (المراهقة) حيث يحتاج المراهق إلى من يسمعه ويتقبل أفكاره وأسراره وهنا ليس أكثر من المربية قرباً من الأبناء الأمر الذي يجعل منها بيت الأسرار الأول لهم وهنا لا يمكننا التنبؤ بالدور الذي يمكن أن تلعبه المربية في توجه الابن ومساعدته بالطريقة الصحيحة التي تلبي حاجاته النفسية والاجتماعية وتتماشى مع القيم الاجتماعية والأخلاقية في الوقت نفسه ولا غرابة في أن تتحول المربية إلى صديقة له تشاركه أفكاره ووقته ومشكلاته وأحزانه والسبيل الأول الذي يستقي منه أساليب التعامل مع التحديات التي تواجهه وطرق حل المشكلات الأمر الذي كان ينبغي أن يكون في أولى مهام الوالدين أو المقربين منهم؛ وكي لا تصل الأمور إلى هذا الحد يجب على الأهل إيجاد الحلول مسبقاً رغم الاستعانة بالمربية من خلال العمل على توفير الحب والحنان والمشاركة الوجدانية مع أطفالهم وتعويض ساعات الغياب عنهم وضرورة الحرص على ممارسة أدوارهم السياسية في التنشئة الاجتماعية وعدم التخلي عنها مطلقاً ( للمربية) أو غيرها.
كما يجب عدم التهاون في أي سلوكيات غير مناسبة ومتابعة طريقة تعامل المربية مع الأطفال ووضع حدود صارمة واضحة لذلك ؛ بما يضمن دورها في رعايتهم والاطمئنان على سلامتهم في فترة غياب الأهل.

دكتورة في علم الاجتماع: ١٤% من الأطفال الذين يعانون عيوب النطق تبيّن أنهم من عائلات تستعين بالمربية في تربية الأطفال وتؤكد الدراسة ذاتها أن نسبة ٢٠% من الأطفال تنمو لديهم الميول العدوانية

أما الاستشاري الأسري د. عزام القاسم فكان له وجهة نظر هي أن الولد هو صورة عن أهله وللاسف عندما يكون هناك اعتماد على المربيات مهما كانت متخصصة واحترافية؛ إلا أن هذه الظاهرة باتت للتباهي سواء أكانت المربية عربية أو من غير جنسية فهذا يدل على أن هناك أسباب اقتصادية تدل على حالة الأسرة المادية وقدرتهم على إحضار المربية.
الولد يأخذ قيم غير قيم الأهل ويتعلم عادات ربما غير موجودة في المكان الموجود فيه؛ والأخطر من ذلك فإن هناك شرخ سيحصل بين الأم وأولادها في حال تركتهم للمربية.
هناك برامج وأبحاث تؤكد أن الأم تكون بعيدة عن أولادها لاتعرف ماذا يحب ابنها أو من هو صديقه لأن المربية بالنسبة له كل شيء في حياته فقد ربته لسنين طويلة؛ وأشار د. القاسم أن هناك نقطة لا أحد يتحدث عنها وهي الآثار النفسية للمربية عندما تأتي اللحظة التي تفارق فيها هذا الابن الذي ربته عندما تستغني الأسرة عن خدماتها فلديها مشاعر وأحاسيس والابناء مروا بمراحل كثيرة وتعودوا على وجودهافهي كاتمة أسرارهم لأن الأم بعيدة ؛ فعندما تذهب هذه المربية والتي كانت كاتمة الاسرار يبتعد الابن عن أمه ويلومها أين كانت عندما كان صغيراً وبحاجتها وعندما كان لديه مشكلة وساعدته المربية في حلها.
٩٠%من الأمهات ليست متفرغة للابن ليس لأنها عاملة ؛ إنما لأن لها أصدقائها ونشاطاتها الخاصة؛ وهنا يؤكد د. القاسم أن الإبن أهم من كل النشاطات .
لدينا سيدات راقيات في المجتمع ولكن يخصصون وقت لابناىهم وتربيتهم؛ هذه الفئة تفكر بإحضار من يساعدها في أعمال المنزل وليس في تربية الأبناء؛ فكل القوانين تؤكد أن الأم تمنح إجازة للاعتناء بأطفالها؛ لكن للاسف هذه الظاهرة منتشرة بكثرة في المجتمع وهناك مقاطع فيديو تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تعلق الابن بالمربية.
وختم د. القاسم حديثه بأن هناك أمهات ربت أجيال صنعت إنجازات وأبناء متفوقون فمن المهم أن نفكر قبل أن نسلم تربية أبنائنا لأي شخص دخيل على الأسرة لأنه عندما يكبر سيحس بمحبة وعاطفة والدته عندما تكبر بالسن ويرعاها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي