يهاجرون حتى إلى البلدان الفقيرة.. أطباء التخدير بين الندرة وكبر السن

تشرين- دينا عبد:
استنزاف وهجرة واضحة في أعداد أطباء التخدير بشكل كبير، حتى إن هناك مشفيين وهما مشفى الزهراوي التابع لوزارة الصحة، والذي تم تخديمه پأطباء تخدير من مشفى الهلال الأحمر؛ وكذلك التوليد الجامعي في دمشق التابع لوزارة التعليم العالي ليس فيهما أطباء تخدير، ويتم تخديم مشفى التوليد الجامعي عبر مشفيي المواساة والأسد الجامعي حسب المسؤول العلمي في رابطة أطباء التخدير د. فواز هلال الذي أكد خلال حديثه لـ«تشرين»: ما يجعل طبيب التخدير يتسرب من عمله هو قوانين الطب البالية؛ فالطب يتطور في كل أنحاء العالم، والقوانين الناظمة للعمل الطبي تتطور معه؛ وأطباؤنا يطورون أنفسهم بشكل أو بآخر، والعلم اليوم أصبح مفتوحاً والشخص عن طريق الإنترنت بإمكانه أن يطور نفسه؛ وللأسف تطور العمل الطبي، ولكن لم تتطور معه القوانين الناظمة( قوانين مزاولة المهن الطبية).

المسؤول العلمي في رابطة أطباء التخدير: المشافي الخاصة تنهب طبيب التخدير

مبيناً أننا نعمل في حقل ألغام في ظل ظروف سيئة – نقص أعداد أطباء التخدير بشكل مرعب، وأجهزة متهالكة، وشح في أدوية التخدير ومردود مادي سيئ.
أطباء التخدير لا يسافرون فقط إلى الدول المتقدمة، ولا إلى دول الخليج الغنية؛ أطباؤنا يهربون إلى دول فقيرة ومتخلفة ومأزومة وتعيش حروباً ومجاعات؛ وهنا يتساءل د. هلال: كيف لدولتي اليمن والصومال أن تستقطب الطبيب السوري ونحن لا نستطيع التمسك به.
ففي كل سورية عدد أطباء التخدير قليل جداً بسبب التناقص المستمر اليومي والشهري، كالسفر والوفاة، ومشكلتنا ليست في العدد فقط، إنما في الفئة العمرية، فمعظم أطباء التخدير في البلد أصبحوا مسنين، وأصغرهم اليوم في عمر الـ٥٠ عاماً؛ وإن وجد جيل شاب فهم معدودون على أصابع اليد الواحدة، ومعظمهم مشاريع سفر إلى الخارج.
لا توجد إحصائيّة
ولدى سؤالنا عن عدد دقيق قال د. هلال: لا توجد إحصائية دقيقة لأطباء التخدير، بسبب سرعة التناقص بين سفر وهجرة خارج البلد ووفاة.
اختصاص التخدير مشروع سفر للخارج، ومن يدرس هذا الاختصاص ليس لأجل البقاء، بل للبحث عن فرصة عمل أفضل .
وذكر د. هلال من عدة سنوات أجري استبيان على طلاب كلية الطب لمعرفة الاختصاص الذي يودون متابعة دراستهم فيه، فبدا واضحاً أن اختصاص التخدير حصل على نسبة صفر بين الطلاب، ولا أحد يرغب في دراسته.
وتمنى د. هلال أن تحل مشكلة طبيب التخدير في القطاع العام الخدمي كجزء من حل أزمة كل موظفي الدولة، ونحن نطالب بحل لا يكلف الحكومة ليرة واحدة وهو( إلزام المشافي الخاصة التي تنهب طبيب التخدير بإعطائه حقوقه؛ وهذا لا يكلف الحكومة أكثر من قرار ملزم وآلية تنفيذ تحت بند عقوبات جزائية صارمة، وملاحقة المشافي التي لا تعطي طبيب التخدير حقه وحمايته، ويمنع الطرد التعسفي لأي طبيب تخدير يطالب بحقوقه).
وفيما يخص خريجي المعاهد الصحية باختصاص تخدير ومزاولتهم للمهنة، رد المسؤول العلمي: تمنع مزاولة عملهم في التخدير إلا تحت إشراف طبيب تخدير؛ علماً أنهم يمارسون المهنة في المشافي العامة التي تود أن تظهر بمظهر المشفى الذي لا يعاني نقصاً في أطباء التخدير.
وعن كيفية ترميم النقص بين د. هلال: نحن نحل أزمة ونخلق أزمة، فترميم النقص لا يحل بين ليلة وضحاها، حالياً يؤمن النقص بطريقة استعارة الأطباء فمثلاً: مشفى التوليد الجامعي يحتاج إلى أطباء تخدير يرسلون أطباء تخدير من مشفى المواساة، مقابل تخفيض طاقة العمل في مشفى المواساة وإغلاق قاعة العمليات؛ إعادة التدوير هي عملياً نقص، فأنا أحل أزمة وأخلق أخرى؛ وهذا له ثمن، فالمريض الذي ينتظر دوره في مشفى حكومي ليجري عملية بعد شهر، ربما أجّل دوره أربعة أو خمسة أشهر بسبب عدم وجود طبيب تخدير، وربما يتعرض للموت لأنه تأخر في إجراء العملية.
فعقدة الربط والحل إعطاء طبيب التخدير حقه بقرار ملزم، ورفع مستوى السلامة والأمان والتدريب الطبي المستمر، وإلا فإن حوادث الخطأ في التخدير سوف تتكرر.
المطلوب إيجاد حل الآن، وإلا ستتكرر الحوادث مع اختلاف أسماء الضحايا( الطبيب- المريض) لأن كليهما ضحية لمنظومة طبية خاطئة؛ فالمرضى الذين يموتون بحوادث تخدير هؤلاء ضحية؛ والطبيب الذي يعمل في ظروف قاهرة وفي حقل ألغام هو أيضاً ضحية.
وختم د. هلال حديثه بضرورة عمل طبيب التخدير في المراكز الخارجية، فمن دونه ممكن أن تختل منظومة العمل الطبي، فمثلاً: قد نحتاج في المراكز الطبية إلى تخدير طفل أو مريض فاقد للوعي في قسم التصوير الشعاعي مثلاً؛ فالحل هنا ليس قانونياً وقضائياً؛ إنما في وضع معايير لرفع مستوى الصحة والسلامة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار