حيدر حيدر يرحلُ ولا يزال يعدُّ الولائمَ للبحر

تشرين- سناء هاشم:

“متواضعٌ كالرّملِ

صاخبٌ كالبحرِ

عالٍ كالسّماء

حرّ كالريحِ.”

هكذا تكتب الروائية غنوة فضة هذا الصباح في رحيل الأديب حيدر حيدر الذي أعدّ الوليمة يوماً لأعشاب البحر، وعاد “السنونو” اليوم إلى عشه من رحلة أخيرة لن يصفق بعدها بجناحيه أبدا مهما هبت نسائم أو عواصف البحر على أشجار قريته الواقفة بعناد في وجه البحر.. ترجل “الفهد” المتمرد، ابن قرية حصين البحر في محافظة طرطوس حيدر حيدر، وفقدت الرواية العربية أحد أعظم وأجمل الرواة عبر مسيرتها الطويلة.

يسجل للراحل حيدر حيدر كتابة روايات أغضبت وأطفأت ظمأ الكثيرين ولكنها أغضبت الكثيرين أيضا.

رحل “الفهد” المتمرد على واقعه وحطم قدر ما استطاع من أغلال العقل العربي والفكر القاتم.. ترك حيدر للقارئ أعمالا كثيرة وضع فيها أسلوبه المتميز والمتفرد في الكتابة والأسلوب، وقدم العديد من المؤلفات والروايات مثل رواية: “الزمن الموحش و شموس الغجر” وأكثرها بالتأكيد شهرة وأثرا “وليمة لأعشاب البحر: نشيد الموت”.

تلقى حيدر تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه حصين البحر، وتابع تعليمه الإعدادي في مدينة طرطوس عام 1951، ثمّ تابع دراسته وتخرج من معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب عام 1954. نُشرت أولى محاولاته القصصية بعنوان “مدارا” في مجلة محلية في مدينة حلب، وكان ذلك بعد تلقيه تشجيعا كبيرا من مدرسه للغة العربية والعديد من الأصدقاء المحيطين به، حيث بانت اهتماماته الأدبية في ثاني عام دراسي له، وبدأ بتنمية موهبته الأدبية منذ ذلك الوقت.

امتهن التدريس لفترةٍ من الزمن بعد تخرجه، وانتقل لاحقًا إلى دمشق العاصمة بغية الاندماج مع مناخها الأدبي والتعاطي مع كتاب ومثقفين من شتّى التوجهات والاهتمامات.. كتبَ أولى قصصه الأدبية بعنوان “حكايا النورس المهاجر” عام 1968، ونُشرت في مجلّة الآداب اللبنانية التي استعان بها بدايةً لنشر أغلب قصصه ومؤلفاته.. كان حيدر حيدر مؤسساً وعضواً لاتحاد الكتّاب العرب عام 1968 وعمل في مكتبه التنفيذيّ، وكان مؤلف “الومض” لعام 1970، أول منشورات هذا الاتحاد.. تابع مسيرته الأدبية في الجزائر بعد أن سافر إليها عام 1970، وعمل مدرساً في مدينة عنابة، مشاركًا في الثورة الثقافية الجزائرية.

وكان استغرق في كتابة أولى رواياته سبع سنين، وكانت بعنوان “الزمن المتوحش”، ونشرتها دار العودة في لبنان عام 1973، مستوحياً مضمون الرواية من تجربته في مدينة دمشق ومناخها الثقافي والسياسي.

التحق حيدر حيدر بالمقاومة الفلسطينية من خلال الإعلام الفلسطيني الموحّد واتحاد الكتاب الفلسطينيين في بيروت وكان ذلك متزامنا مع بداية الحرب اللبنانية، وخلال فترة الحرب نشرت رواية له بعنوان “التموّجات والوعول”، وفُصِلت روايتا “الزمن المتوحش” و “الفهد” عن مجموعة حكايا النورس المهاجر ونُشِرتا بشكلٍ مستقل، كما أعادت دار الحقائق في بيروت طباعة ونشر “حكايا النورس” و “الومض”.

هاجر الأديب من بيروت إلى قبرص، وعمل هناك في مجلة الموقف العربي الأسبوعيَة في أوائل الثمانينات، عاد بعد عامين إلى بيروت بعد أن قضى تلك الفترة مسؤولًا عن القسم الثقافي في المجلّة.

عاد ثانيةً إلى قبرص ليعمل مسؤولًا عن القسم الثقافي في مجلة صوت البلادد الفلسطينية كردة فعلٍ لإلغاء ورحيل المقاومة الفلسطينية عن بيروت عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي، وفي عام 1984 نشر أول طبعة لرواية “أعشاب البحر” في قبرص، ليعود بعدها إلى سورية الوطن ليتفرغ لعمله الأدبي.

صدرت الطبعة الأولى لروايته “مرايا النار، فصل الختام” عام 1992 من دار أمواج في بيروت، أما روايته “شموس الغجر” فقد صدرت طبعتها الأولى عام 1997 من دار ورد في دمشق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ناقش مذكرة تتضمن توجهات السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة.. مجلس الوزراء يوافق على إحداث شعبة الانضباط المدرسي ضمن المعاهد الرياضية "ملزمة التعيين" وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي