إيران- سورية.. تحالف استراتيجي يبني المرحلة الإقليمية المقبلة .. رئيسي في دمشق: زيارة الصديق لصديق صمد وصبر وانتصر في حرب إرهابية بغيضة

تشرين- هبا علي أحمد:
كل شيء في وقته وأوانه الناضج.. من هذه القاعدة بالتحديد إن جاز لنا تسميتها ذلك، يمكن مقاربة المشهد على الساحة الإقليمية والساحة العربية عموماً، ومشهد الزيارات الإقليمية إلى سورية، ومشهد زيارات سورية إلى دول الإقليم.. حركة ديناميكية سريعة ولافتة ونوعية ومهمّة تشهدها المنطقة وسورية بما يُعيد إلى الأذهان صورة العلاقات العربية– السورية، والعربية- العربية، والعربية- الإقليمية، ما قبل «ربيع» الخراب والدمار، وبما يدفع طريق التفاؤل قدماً ولو بحدوده البسيطة، ولاسيما بعد المصالحة السعودية- الإيرانية التي كانت تعد من المستحيلات حتى وقت قريب، بالنسبة لفريق واسع في المنطقة ودولياً.
13 عاماً مرّت من دون زيارة أي رئيس إيراني إلى سورية، وعامٌ مرّ على زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى طهران، ولكن على مدار تلك الفترة وقبلها وإلى اللحظة بقيت سورية وإيران على تحالفهما الاستراتيجي في مواجهة كل التحدّيات وفي ممارسة دورهما الفاعل.
.. وعلى مدار تلك الفترة كانت سورية في قلب إيران والعكس صحيح.. تعاون وتوافق وتعاضد ومساندة وتنسيق في المواقف والرؤى والتوجهات وارتباط المصير في المقاومة وفي المواجهة.
على هذا النحو مرّت الـ 13 عاماً الماضية، تحديداً على الجانبين وبينهما، وبذلك تقرأ أهمية زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية من باب تعزيز وتكريس العلاقات أو المحور الذي إذا وسعنا زاوية الرؤية نرى دمشق وطهران كركيزتين فيه أي محور المقاومة والمواجهة، وضرورة بل وجوب استمرارية هذا النهج وتطويره وفق المقتضيات، هذا من جهة.. ومن جهة آخرى تأتي أهمية الزيارة ارتباطاً بمجمل المتغيرات والتطورات التي تشهدها المنطقة ولها تأثيرات على الصعيد الإقليمي، وعلى خارج المنطقة، وما للبلدين من تأثير فاعل على مجمل القضايا الإقليمية، ولاسيما أن الصمود السوري ومثله الإيراني وصمود عموم محور المقاومة في المنطقة هيّأ الأرضية الأمثل لمثل هذه التطورات التي من شأنها إن سارت كما يُرسم لها أن تعيد تشكيل وجه المنطقة برمتها وشكل العلاقات بين دولها، وبين هذه الأخيرة والدولية والعالمية.
وعليه فإن زيارة الرئيس رئيسي إلى سورية واللقاء مع الرئيس الأسد هو تتويج لمرحلة سابقة وبناءً لمرحلة لاحقة في علاقات الإقليم، ولاسيما أنها ترافقت مع فترة غاية في الأهمية قبل انعقاد القمة العربية في الـ19 من الشهر الجاري، وبعد المصالحة السعودية- الإيرانية برعاية صينية في آذار الماضي، وترافقت مع كثرة التصريحات المتضاربة في مسار التقارب التركي– السوري، الذي ترعاه إيران وروسيا، وإذ كان الغموض يلف الأخير نتيجة التعنت التركي في إنجاز الاستحقاقات السورية، إلّا أنه لا يمكن فصل انعقاد القمة العربية والمصالحة السعودية- الإيرانية، لما للمسارين من أهميّة تكمن في كونهما خطوات متقدمة لإنهاء الخلافات، وإنهاء حال القطيعة مع سورية، وإنهاء التنافر العربي- الإيراني ولاسيما لناحية السعودية، بما يصب في توفير عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة وهي بحاجة ماسة لتلك العوامل لترسيخها وإعادة بناء المرحلة المرتقبة عليها.
التعاون والتعاضد بين دمشق وطهران شمل العديد من المجالات، وعليه لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، فأينما تكون السياسة يكون الاقتصاد، وهذا ما تثبته زيارة الرئيس الإيراني السياسية والاقتصادية، إذا يمكن عدّ إيران إحدى أهم داعم اقتصادي لسورية في ظل الحصار والعقوبات الأمريكية – الغربية الجائرة، دعم تجلّى في أحد جوانبه بتدشين مرحلة جديدة من الخط الائتماني الإيراني- السوري العام الماضي والتي تشمل تزويد سورية بموارد الطاقة والمواد الأساسية الأخرى لسد النقص الحاصل في تلك الموارد، بهدف تجاوز العقوبات المفروضة على البلدين في آنٍ معاً، أضف إلى ذلك أن ميزان التبادل التجاري بين البلدين في نموٍ مطرد، ناهيك باتفاقات اقتصادية تجارية وصناعية، أي إننا هنا نتحدث عن علاقات الاقتصادية واسعة تخدم المصالح المشتركة، وهي في تطور مستمر.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن العلاقات الاقتصادية السورية- الإيرانية تتعرض لضغوط مستمرة، كالضغوط الأميركية ومحاولات التضييق على الطرق البرّية، في وقت بدأت فيه إيران بالشراكة مع العراق لتنفيذ مشروع ربط سككي بين البلدين، على أن يتمّ ربطه مستقبلاً بسورية، الأمر الذي من شأنه إيصال البضائع الإيرانية إلى البحر المتوسّط عبر السواحل السورية، فضلاً عن سهولة نقلها إلى المناطق الصناعية السورية، بما يكفل تحقيق ربط صناعي، وضمان تشكيل حلقة إمداد بين كلّ من إيران والعراق وسورية.

بالمجمل تُترجم الزيارة على أنها زيارة الصديق لصديق صمد وصبر وانتصر في حرب إرهابية شعواء، وزيارة تهنئة على النصر السوري الذي يكتب كل اليوم في الميدان العسكري كما السياسي الذي يترجم بصورة أكبر بالزيارات السورية للعديد من الدول العربية.

اقرأ أيضاً:

زيارة رئيسي.. وآفاق جديدة للعلاقات السورية الإيرانية والمنطقة

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار