مشفى جامعة البعث مبنى حضاري عصري.. مكبّل بكوادر قليلة وأجهزة أقل

تشرين- ميمونة العلي:
حتى تموز القادم يكون قد مضى على افتتاح مشفى جامعة البعث عامان، ازدحام المرضى في الممرات دليل نيله ثقة الشارع الحمصي والذين التقيناهم يستريحون تحت الأشجار أجمعوا على أن خدمات المشفى ممتازة، وكأننا في مشفى خاص على حدّ تعبيرهم، ومستلزمات الإسعاف والجبس والسيرومات وغيرها متوفرة .
المبنى الحديث في كل شيء تفوح منه رائحة التعقيم، حيث عمال النظافة من شركة خاصة يعقمون كل شيء بما فيها الدرج وأزرار المصعد. هذا ما رأيناه في زيارتين للمشفى للتحضير لهذا التقرير واحدة منهما من دون موعد مسبق مع أحد، ولم يتغير مشهد التعقيم ذاته.

الاستجرار المركزي
الأقسام المشغلة في المشفى هي داخلية، جراحة عامة، جراحة عظمية، مخبر واستقصاءات (يوجد مسؤول ترصد دوائي ووبائي)، هذا ما أوضحه الدكتور ياسر السمان معاون المدير العام للشؤون الطبية، وأضاف: يوجد قسم عناية مشددة عامة وقسم عناية مشددة قلبية وتتوفر الإقامة لمرضى الداخلية ومرضى الجراحة، والمشفى حديث لم يكتمل بعد كادره الوظيفي ويعاني نقصاً حاداً في الأجهزة، فالمشفى خدمي وتعليمي يتدرب فيه طلاب دراسات عليا بحاجة دراسة حالات صعبة ومتنوعة، ويقدم المشفى العمليات الباردة والإسعافية بحسب الأجهزة والأدوات المتوافرة.

معاون المدير العام: المشفى حديث لم يكتمل بعد كادره الوظيفي ويعاني نقصاً حاداً في الأجهزة

وعن سؤاله عن النقص الحاد في الأجهزة وأسباب عدم توفيرها بعد مرور ما يقارب العامين على الافتتاح أوضح أن قسم القثطرة وجهاز القلب هو عبارة عن غرف فارغة فقط، تحتاج إلى جهاز قثطرة قلبية وطاولة عمليات ومضخات قلب.
وفي العمليات العظمية، والكلام لسمان، لا نجري إلا تلك التي لا تحتاج لجهاز قوسي بسبب عدم توفيره حتى اللحظة رغم أهميته، وبيّن أن المشفى حالياً في طور شراء التجهيزات وأن الاستجرار المركزي من قبل وزارة الصحة يؤخر توفير ما يلزم، والمشفى يحصل على بعض الهبات منذ افتتاحه والعيادات مشغلة لكنْ هناك نقص حاد وهام فلا يتوفر سوى غرفتي عمليات والثالثة إسعافية من أصل عشر غرف عمليات بحاجة إلى تجهيزات ولم يتم تشغيل قسم التوليد، و الحاجة الماسة لأطباء تخدير، فالمشفى يعاني من نقص حاد في أطباء التخدير وكذلك أطباء الأشعة ونقص كبير في عناصر التمريض، والمعيار العالمي كل ممرضة تشرف على خمسة مرضى ولدينا كل ممرضة تشرف على أكثر من 15 مريضاً وهذا مرهق جداً، فالمشفى يعمل بثلث الكادر التشغيلي وسد النقص بحاجة لمسابقة توظيف.

يعمل في المشفى ٢٥٢ طبيباً مقيماً، بعضهم لا يتابعون إذا لم يعجبهم الاختصاص، ولا يوجد ما يلزمهم بالمتابعة ولا ما يشجعهم

الأطباء المقيمون
يعمل في المشفى ٢٥٢طبيباً مقيماً، بعضهم لا يتابعون إذا لم يعجبهم الاختصاص، و لا يوجد ما يلزمهم بالمتابعة ولا ما يشجعهم، هذا ما يوضحه الدكتور يوسف العموري رئيس الأطباء المقيمين، ويضيف: تم قبول ٣٧ طبيباً ليختصوا في الجراحة العامة، و٩ أطباء مقيمين في اختصاص التخدير، ورغم أهمية اختصاص الجراحة البولية لم يقبل أي طبيب مقيم في هذا الاختصاص، والعائق الأكبر في النقص الحاد باختصاص أطباء التخدير، كل الأطباء المقيمين في المشفى يعملون بنظام العقود، فقط طبيبة تخدير واحدة ملزمة بالعمل فهي عضو هيئة تدريسية، لذلك لا تقبل أي عملية بعد انتهاء الدوام الرسمي بسبب عدم وجود أطباء تخدير إلّا في أيام محدودة عندما يكون طبيب التخدير نائماً في المشفى (أحد، إثنين، ثلاثاء)، ما يوجب تحويل المرضى إلى مشافٍ أخرى.
وأضاف الدكتور العموري: أهم جهاز في قسم الجراحة العامة هو المنظار وهو غير متوافر حالياً والاتجاه في الجراحة نحو التنظير، عمليات المرارة والزائدة حتى الفتق الإربي كلها باتت تجرى بالمنظار وهو جهاز غير متوافر والمشفى تعليمي أكاديمي فكيف سنضمن جودة مخرجات التعليم المهنية التي تواكب التطورات التقنية، راجياً تزويد المشفى بجهاز المنظار في أقرب وقت.
وعن الحلول الممكنة لاستقطاب المقيمين من كل الاختصاصات بين العموري أن الطريقة الوحيدة هي تحسين واقع الطبيب المقيم الذي يتقاضى حالياً ٩٤ ألف ليرة عداً ونقداً، مبيناً أنه من الناحية الفندقية كل شيء متوافر ومتقن ومن الناحية التعليمية لا يقصر معنا أي طبيب مختص ولا يوجد ضغط كبير، فالاختصاص هنا مريح. ولكن ما يحد من قبول عدد أكبر من المرضى عدم توفر سوى غرفتي عمليات وواحدة فقط إسعافية.

الكادر التمريضي يضطلع بمهام تفوق طاقته بسبب النقص الحاد بعناصر التمريض

ترميم النقص الحاد
يبلغ عدد عناصر التمريض ٢٥٥ ممرضاً يعمل في التمريض ١٤٥ ممرضاً والآخرون يعملون (فني مخبر وصيدلة وأشعة) وتضيف نوار حسن رئيسة شعبة التمريض العام بأن ضغط العمل كبير جداً والكادر التمريضي يضطلع بمهام تفوق طاقته، حيث النقص الحاد بعناصر التمريض، فعدد المرضى يزداد تباعاً متمنية رفد المشفى بالعدد الكافي من الكوادر ليحافظ مشفى جامعة البعث على سمعة مرموقة جداً ولئلا ترسل حالات الدراسة أحياناً إلى دمشق ..”شيء عظيم أن نستغني عن ذلك”.
فيما طالب بعض الممرضين بالتثبيت لأنهم يعملون بموجب عقود مؤقتة ما يشعرهم بعدم الاستقرار، حيث يحرم المتعاقد من كثير من ميزات المثبت ويدفعه لطلب الاستقالة واللجوء إلى القطاع الخاص أو للسفر.

قاعة لطلاب العلوم الصحية
في الطابق الرابع يتحلق العديد من الطالبات حول مشرفتهم في إحدى زوايا البهو، أجابت روان دياب مشرفة على طلاب العلوم الصحية قسم التغذية عن سبب شرح الدروس النظرية في البهو بأن عملها يحتاج تطبيق العمليات الحيوية على المرضى وهي معلومات تحتاج شرحاً نظرياً للطلاب ولا يوجد مكان مخصص لطلاب العلوم الصحية، فكثيراً ما يتواجدون مع طلاب الطب في القاعة ذاتها ما يشكل ازدحاماً ويفوت الفائدة وهذا ما يجعلنا نشرح المحاضرات النظرية في البهو متمنية تخصيص غرفة تدريسية خاصة بطلاب العلوم الصحية.
من جهته إياس الحموي مرافق لمريضة أجريت لها عملية مرارة أوضح أن الخدمات الطبية والفندقية مميزة جداً جعلته يعود بالزمن إلى ما قبل هذه الحرب الملعونة، حيث كانت مشافي سورية العامة قبلة للأشقاء العرب، مبيناً أنه لم يشترِ من خارج المشفى أي دواء لزوم العملية الجراحية فقط الوصفة الطبية، وكما ترون هذه الجموع الغفيرة كلها تعالج مجاناً بما فيها الجراحة ولا يقدر قيمة هذا إلا من اكتوى بأسعار القطاع الخاص ومن طرد على أبواب المشافي في بلدان اللجوء.. مضيفاً: ستعود سورية أفضل مما كانت.. صحيح الحرب أوجعتنا لكنها قوّتنا على أمل أن نكون قد استوعبنا الدرس جيداً.

ختاماً
أملنا لو استطعنا الحصول على إحصائية حول مبلغ الموازنة وعدد جلسات غسيل الكلية وعدد العمليات الجراحية وعدد المراجعين، لكن المسؤولة عن ذلك رفضت بحجة عدم وجود توجيه من المدير العام يسمح لها …ما يجعلنا نستنكر استنكارهم لربط توفير الأجهزة بالاستجرار المركزي من الوزارة وهم على مستوى معلومات عامة توثق حجم ضغط العمل لم يصرّحوا به إلّا بعد توجيه من المدير العام الذي لم يرد على هاتفه رغم تكرار الاتصال!.
ولأننا لا نريد أن نكون الصحفي الذي ينظر إلى شوكة في حديقة ملأى بالزهور، فإن المشفى جديد ونظيف ولأنه حديث العهد من حيث التشغيل نأمل ترميم النقص في الكوادر والأجهزة فهو يوفر لطلاب الطب بيئة ميسرة للتعليم، حيث كانوا يسافرون سابقاً إلى دمشق أو حلب، فهؤلاء هم من سيرممون النقص الحاد في الأطباء على مستوى المحافظة، إذ لا يوجد مشفى أو مركز طبي إلا ويعاني النقص في عدد الأطباء الاختصاصيين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وزارة الدفاع: قواتنا المسلحة تستهدف آليات وعربات للإرهابيين وتدمرها وتقضي على من فيها باتجاه ريف إدلب الجنوبي مشاركة سورية في البطولة العالمية للمناظرات المدرسية بصربيا القاضي مراد: إعادة الانتخابات في عدد من المراكز في درعا وحماة واللاذقية «لوجود مخالفات» غموض مشبوه يشحن الأميركيين بمزيد من الغضب والتشكيك والاتهامات.. هل بات ترامب أقرب إلى البيت الأبيض أم إن الأيام المقبلة سيكون لها قول آخر؟ حملة تموينية لضبط إنتاج الخبز في الحسكة.. المؤسسات المعنية في الحسكة تنتفض بوجه الأفران العامة والخاصة منحة جيولوجية ومسار تصاعدي.. بوادر لانتقال صناعة الأحجار الكريمة من شرق آسيا إلى دول الخليج «الصحة» تطلق الأحد القادم حملة متابعة الأطفال المتسرّبين وتعزيز اللقاح الروتيني دمّر الأجور تماماً.. التضخم لص صامت يسلب عيش حياة كريمة لأولئك الذين لم تواكب رواتبهم هذه الارتفاعات إرساء القواعد لنظام اقتصادي يهدف إلى تحقيق الحرية الاقتصادية.. أكاديمي يشجع على العودة نحو «اقتصاد السوق الاجتماعي» لتحقيق التوازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي كيف نميز بين المظهر الحقيقي ونتجنب التظاهر المزيف؟