حكايات من مناخات (ألف ليلة وليلة) “العربجي” طرح شيق يعتمد السرد الشعبي

تشرين- ميسون شباني:

بعيداً عن التكلف والمبالغة وبملامح قاسية خالية من أي تعابير، ينجح الفنان باسم ياخور برسم (كاركتر) جديد عبر شخصية “عبدو العربجي” والتي تحمل في ظاهرها كماً من البساطة والهامشية في الحياة، وتنحو بشكلها إلى شيء من الغرابة في الشعر الطويل والقوة البدنية وطريقة اللباس… تركيبة قام بتوليفها الفنان ياخور عبر شخصية “العربجي” مهنة قديمة عمل بها بعض البسطاء في فترة كانت العربة وسيلة النقل الوحيدة للناس وللبضائع بين الأزقة والحارات، وهو شكل جديد حقق معادلة جاذبة للجمهور الذي يميل لهذا النوع من الأعمال التي تُقدم بأسلوب الحكواتي بطريقة تشويقية متسارعة تعتمد السرد الشعبي ولا ترتبط بمرحلة تاريخية أو وقت معين، إذاً (العربجي) حدوتة شعبية تعيد إلى ذاكرتنا بطولات الشاطر حسن وعلي الزيبق ودليلة وغيرها من حكايا الشّطار..

تكنيك فني جديد

فصول القصة تبدأ من (عبدو) العامل المجتهد والأب القنوع بقسمته في الحياة عنفوانه العالي وعزة نفسه الكبيرة كانا سبباً لوقوعه في المشاكل، فهو لا يرضى “الزايحة” وتصرفاته خلال سير الأحداث تشير إلى ذلك، يتعرض عبدو للظلم ويتحول إلى مقاتل للدفاع عن عائلته، لتتشعب المشاكل وتتطور إلى مواجهات بينه وبين من يريد أذيته، وتصل إلى زعيم الحارة (أبو حمزة) شريف بيك “سلوم حداد” الشرير المغلف بتقاسيم هادئة الذي يمكن وصفه بالمخطط البارع غير المكتمل..فـ درية خانوم “نادين” تقف بمواجهته وتعرف جيداً نقاط ضعفه وتستغلها وتجيد استخدام مفرداتها عند اللزوم ،فهي زوجة كبير النشواتية إمرأة متسلطة وقوية..  شخصية نجحت الفنانة نادين في تلّبسها، وإضافة لمساتها الخاصة من ناحية الشكل والأداء، لكن لـبدور الداية “ديمة قندلفت” قصة أخرى ترسم ملامحها فهي شهرزاد الحكاية هنا الباحثة عن مكان يحقق ما تصبو إليه، فهي الداية الشابة اللعوب تُمسك بخيوط اللعبة في الحارة وتنسجها بما يناسب تطّلعاتها وأهدافها، واستطاعت قندلفت ببراعة كسر العرف المتداول عن صورة الداية الشامية الرزينة والهادئة الحافظة لأسرار بيوت الحارة.. العمل بمجمله يحمل تكنيكاً جديداً من جهة تناول البيئة الشامية وخروجه عن المتعارف عليه، إضافة إلى طريقة الإخراج المعتمد على تفاصيل الممثلين وأدائهم المدروس للشخصيات التي يؤدونها، فهناك غوص عميق وواضح للشخصيات، ولكل منها خطها الدرامي المبرر والذي يصب في الحدث الرئيس..

ولا ننكر أن هناك بعض المشاهد الصادمة والجريئة لأبطاله، منها ما قام به ياخور في تقبيله حذاء سلوم حداد إضافة إلى المواجهة العنيفة بين بدور وعبدو ومحاولتها الانتقام منه بعد أن بصقت في وجهه، شخصيات مرهقة في بنائها الداخلي والسيكولوجي تعتمد على إيقاعات معينة نجح المخرج سيف سبيعي في التقاط تفاصيلها بنجاح حتى الآن، ونجح في خلق حالة من المتعة والتشويق.

كل بطل في دوره

الأداء اللافت كان للفنان فارس ياغي اليد اليمنى لدرية خانوم وابنها الصغير وكاتم أسرارها وأحد المواجهين لسطوة العم، ولا ننسى الأداء المبهر لـشومان “محمد قنوع” المتأرجح بقرارته والذي تلاحقه عين زوجته حلا رجب ومحاولته إلحاق الأذى الدائم بعبدو عن طريق ابنته الذي تزوجها لدرء الفضيحة التي تسبب فيها هو وبدور، ويطّل الفنان ميلاد يوسف بشخصية مختلفة خرج فيها من عباءة (عصام) الشخصية التي لازمته لسنوات بطيبتها وظرافة حضورها ليقدم مزاجاً جديداً مختلفاً عما عرفناه فيه، فهو الرأس المخطط والمدّبر الذي يحيط الشر فيه من كل جوانبه، همّه الوحيد إرضاء والده ويطوّع الهرايسي – طارق مرعشلي – في خدمة مآربه ومآرب والده ..

فانتازيا مشوقة

لا ننكر أن الملابس التي يرتديها الممثلون لا توثق لحقبة زمنية وهي بعيدة عن اللباس المتعارف عليه في هذا النوع من الأعمال فطريقة اللباس وشكله وحتى الألوان المتداولة مازجت بين الألوان الترابية والبيج والبني وخرجت من عباءة الملاءة السوداء، أما الديكور فبدا في بعض الأمكنة مستوحى من الفن الإغريقي والروماني وفي بعضه الآخر يحمل لمسات من عوالم المنازل في القرون الوسطى، فبيوت الحارة الشامية وحاراتها بعيدة بشكل ما عما يطرح، إذاً الفانتازيا التاريخية تحيط بالعمل من كل جوانبه لكن الغاية هي الإمتاع وربما هذا ما يبرر للعمل بعضاً من هفواته.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
"الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية تربية دمشق استقبلت نحو 17 ألف اعتراض 42 ضابطة مائية في دمشق.. والمياه تسرح لغسيل السيارات وتبريد الشوارع! ضريبة التأخير.. غياب المجبول الإسفلتي يعرقل ويوقف تنفيذ «طريق حرير» مصياف -حمص