الحقل والبيدر..!

يخطئ من يظن أننا نستطيع الاستغناء عن قطاع التصدير، أو حتى الحد من فاعليته، بسبب ظروف ما، أو مشكلات يعانيها اقتصاد أي بلد، كما نحن الآن في سورية، يعاني التصدير قبل كل شيء من فساد تجاري، وتداعيات أزمة “طويلة عريضة” عمرها عقد وثلاث سنوات أخرى، وقبلها أكثر مما هي الآن لكن طبيعة الظروف وقساوتها هي المختلفة..!
الأزمات المتلاحقة في نقص المواد الأساسية للمواطن، وخاصة الاستهلاكي منها ما دفع الكثير من المواطنين وفعاليات مجتمعية واقتصادية للمطالبة بإيقاف التصدير بسبب الحاجة، وهو مطلب محق للجميع، لأن ما تعمل عليه الحكومات هو تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسواق أولاً، بعدها التفكير في التصدير، وهذه من بدهيات العمل الاقتصادي والانطلاق نحو الأسواق الخارجية معتمدة سياسة واضحة في هذا الإطار، ورؤية تحدد إمكانية الخروج من الحالة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني نتيجة الحرب الكونية والحصار الاقتصادي والعقوبات الظالمة.
والحقيقة التي يجب ألّا تغيب عن الأذهان؛ نحن بحاجة إلى قطاع التصدير، ولو كان على حساب الكثير من القضايا المجتمعية والاقتصادية، لأن اقتصادنا بحاجة إلى عمليات إنعاش مستمرة نتيجة ما أصابه خلال سنوات الحرب، وتداعيات الحصار السلبية، وهي أهمها على الإطلاق..!
لذلك نجد أن الحكومة سعت لإيجاد مخارج لإنعاش الاقتصاد وتفعيل دوران عجلة الإنتاج، ودعم المنتجات التصديرية وتوفير أسباب قوتها للنفاذ إلى أوسع الأسواق العالمية، وهذه مسألة تحتاج خطة حكومية تعتمد في أساسها على إنتاج السلع المرغوبة في الأسواق العالمية، وتحسين نوعيتها ومواصفاتها بشكل يسمح لها بالبقاء في الأسواق الخارجية والتوجه نحو أسواق أخرى..!
لكن هذا لن يتم إلّا باعتماد سياسة واضحة تعتمد الدقة في المعلومة، لا حسابات الفوضى، وما يحصل في أسواقنا المحلية من حسابات متروكة لظروف كل سلعة، يؤكد عدم انسجام الخطط مع الواقع الفعلي، وبالتالي كل التقديرات تبتعد عن المنطق، الأمر الذي يسمح لطوابير ممن يصطادون في المياه العكرة، مهمتهم تقزيم العمل الحكومي في ظل ظروف قاسية على الجميع، تتحكم بالإنتاج و ارتفاع الأسعار وتأمين المستلزمات وغيرها من مشكلات يتخذونها “شماعة”  للتقزيم ، وهنا لا أدافع عن سياسة الحكومة بقدر ما أشير إلى هول الظروف التي تحكم آلية عملها، من دون تبرير لحالات التقصير ..
وللخروج من هذه الشعارات التي يطرحها البعض حول مسألة التصدير وإيقافه، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة له، لابدّ من اتباع سياسة جديدة تتضمن تحديد السلع التي يمكن تصديرها سواء منتجات زراعية، أو صناعية مع بداية كل خطة حكومية، بحيث نحقق فائدة مزدوجة، الاهتمام بمنتجات السوق المحلية، ومنتجات التصدير والفصل بينهما، الأمر الذي يسمح ببقاء التصدير شريان الاقتصاد الذي يحقق الاستقرار له، وخلاف ذلك ستبقى حسابات الحقل الحكومية غيرها في البيدر..!
Issa.samy68@gmil.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اتفاقية تعاون بين اتحادي الجمعيات الخيرية في دمشق وريفها وحلب.. الوزير المنجد: نسعى إلى تعزيز مبدأ التشاركية مع المنظمات غير الحكومية وبناء قاعدة معرفية أهلنا في الجولان يرفضون المواقف التحريضية ومحاولة استغلال اسم مجدل شمس كمنبر سياسي على حساب دماء الأطفال سورية تحيي الموقف البطولي لأهلنا في الجولان المحتل ورفضهم زيارة مجرمي الاحتلال وآخرهم نتنياهو لمجدل شمس وفد سورية برئاسة المهندس عرنوس يصل طهران للمشاركة في مراسم تنصيب بزشكيان مجلس الشعب يدين الجريمة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أهالي مجدل شمس مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2024 ينطلق في دمشق.. نحو "اقتصاد وطني قائم على المعرفة" و استدراك مدروس للفجوات  التنموية صندوق الأمم المتحدة للسكان يعلن استعداده لدعم القطاع الصحي في الحسكة مواجهات حاسمة في ختام بطولة زهرة الجولان للشطرنج المغربي مزراوي على أعتاب مان يوناتيد رؤساء ومسؤولون دوليون يهنئون مادورو بفوزه في الانتخابات الرئاسية لفنزويلا