قرارات مهمة طال انتظارها كما وصفها المنظّرون الاقتصاديون، ومشجعة كما أعلنها قطاع الأعمال، إلا أن المواطن يترقب انعكاسها على معيشته متوقعاً إلحاقها بعدد من القرارات العاجلة التي ستسنده خلال قادمات الأيام والأشهر المقبلة ريثما تستقر الأسواق بعد الخطوات الجريئة من قبل مصرف سورية المركزي الأخيرة وآخرها القرار رقم 144 والقاضي بإصدار نشرتي صرف يوميتين، الأولى باسم نشرة الحوالات والصرافة والثانية باسم نشرة المصارف..
رغم الإيجابيات المنتظرة لها من قبل الجميع إلا أنها يمكن أن توصف بقرارات خطرة في وقت حرج في حال عدم تقدير نتائجها ووضع السيناريوهات المناسبة لكل طارئ يمكن أن يحصل والإحاطة بمختلف منعكساتها على مختلف الصعد ولاسيما الجانب المعيشي لمحدودي الدخل.
أسئلة كثيرة كانت تطرح حول آليات تمويل المستوردات والمنصة أثرت على ثقة أطراف السوق بالقرارات النقدية خلال المرحلة السابقة، لكن وربما بسبب ظروف الحصار والحرب الهجينة ضد كل ما هو سوري، فرض على متخذي القرار الاستمرار بنهجهم رغم الانتقادات والاعتراضات، والكل يعتبر نفسه محقاً ضمن ما لديه من معلومات.
المهم الآن أن تكون تحديثات السياسة النقدية مبنية على أسس علمية ومستندة إلى أرضية راسخة من التجارب والمعطيات.
استعادة الثقة وتعزيزها يتطلب سياسات واستراتيجيات جبارة بالتعاون بين الجميع، فالإشاعات لن ترحم لكن النتائج على الأرض ستكون الفيصل، فلا شيء يمكن إخفاؤه في هذا المضمار، والمطلوب هنا مواكبة الأحداث والتغيرات التي قد تكون لحظية بالتعاون مع الإعلام الوطني وتقديم الشروحات والمعلومات في وقتها حتى لا نفسح مجالاً لمن يتصيّدون في المياه العكرة، فالعامل النفسي هو المسيطر في سوق النقد خلال عصر السوشال ميديا.
كما أن التعديلات النقدية وحدها لن تكون مجدية ما لم تترافق مع سياسات اقتصادية ومالية وإنتاجية ومعيشية “تموينية” تتكامل فيما بينها للوصول إلى صيغة اقتصادية تلبي الاحتياجات وتتجنب العثرات الماضية، هذه الصيغة يجب أن يكون جوهرها وهدفها الإنتاج الذي يعيد حالتنا الاقتصادية إلى سكّتها الصحيحة، وتقوم على شعار “نأكل مما ننتج ونلبس مما نصنع”.
هذا إضافة إلى اعتماد الحوكمة في مؤسساتنا والإسراع في الإصلاح الإداري الذي يجب أن تنطلق بدايته من تعديل الرواتب والأجور، ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين، وتعديل القوانين بما يناسب المرحلة القادمة.