الحلحلة الأخيرة لم ترضِ الفلاح… جدل حول حصص السماد والمازوت الزراعي وانحباس الأمطار يشعل فتيل هواجس «النافخين باللبن»..
تشرين- بارعة جمعة:
على الرغم من التطمينات والتأكيدات اليومية التي ترافق كل ما تقوم به الحكومة لدعم القطاع الزراعي بصفته الرافد الأول للاقتصاد المحلي، والقائم بشكل رئيس على زراعة كل الأنواع بما فيها القمح، الذي لايزال يشكل الهاجس الأكبر في مسألة الأمن الغذائي للأسر السورية، ووسط ارتفاع تكاليف الإنتاج وقلة المخصصات، تبرز اليوم مطالبات الفلاحين بدعم هذا القطاع، الذي بات الحلقة الأكثر تضرراً في مواجهة الحصار الاقتصادي ونقص الموارد الطبيعية المتممة له.
ضآلة الكميات
وفي مواجهة النقص الحاصل في تركيب المواد الداخلة في زراعة القمح المروي والبعل، تبرز إلى الواجهة سياسة تحديد الكميات التي باتت اليوم بنظر الكثير من الفلاحين “لا تُؤتي أُكلها” وتحت سقف التوقعات التي صدّرتها الجهات المعنية، فما يتم العمل به ضمن تخصيص 2 ليتر مازوت بسعر التكلفة الـ300 لكل دونم قمح ولتر واحد بالسعر المدعوم من جهة محددة، لا يخدم العمل برأي المزارع بسام الجزار من حماة، عدا عن مشقة وتكلفة الوصول إليها، يضاف إلى ذلك اضطرار المزارع لتأمين بقية الكمية المطلوبة من السوق السوداء بأسعار عالية تصل معظمها لـ 12000 للتر الواحد.
وفي النظر لما تم العمل به وفق مخصصات السماد التي تم تخصيصها بـ 3كغ سماد يوريا 46 لكل دونم قمح ومن ثم رفعها لـ 15 كغ والتي حسب تأكيدات الجزار لـ”تشرين” تشكل نصف الكمية اللازمة للدونم الواحد، ناهيك بأسعار مبيدات الأعشاب والحشرات والأمراض التي تصيب المحصول، ما يتطلب مواجهتها لضمان مردودية عالية للمزارع والدولة.
صعوبات العمل
وأمام كل ما يعترض المزارع من قلة المخصصات والتكاليف والأعباء الأخرى غير المدروسة من قبل وزارة الزراعة والاتحاد العام للفلاحين، لا يزال هاجس تصريف المحصول مصدر قلق القائمين على زراعته، والذي لابدّ من أنه سيتم وفق خطة الوزارة والاتحاد في شرائه وتسويقه من الفلاح إلى مديريات الحبوب، مع احتمالية الوقوع في مواجهة مصادرة الكميات المخبأة بها كعلف للحيوانات أو لاحتياجات المزارع الخاصة، ما جعل الأغلبية من مزارعي القمح تحت وطأة القلة في جني المحاصيل وصعوبة العمل، الذي وصفه الجزار بغير المفهوم لجهة الوعود التي يطلقها المعنيون لدعم الفلاح والأرض، متسائلاً عن التسهيلات المقدمة من قبلهم لدعم محصول القمح كمحصول استراتيجي وسلاح لمحاربة الحصار؟!!
فما يعيشه مزارعو مدينة حماة اليوم بات أشبه بالمجازفة في ري المحاصيل أيضاً، وسط تراجع كميات الهطلات المطرية لهذا العام والتي بلغت ربع كمية العام الماضي وفق توصيف الجزار لواقع الري، عدا عن اعتماد كل الآبار على الري بوساطة الكهرباء الغائبة وسط التقنين الجائر وعدم تحديد كميات المازوت للري، والذي بدوره لا يبشر بمحصول جيد لطرفي العملية، ما يهدد الفترة القادمة للري، ولاسيّما الفترة الحرجة والتي تبلغ شهر آذار، والتي تعد الأكثر إلحاحاً في ري المحاصيل والأكثر تأثيراً على الإنتاج.
الخليف: توزيع السماد يتم من المصرف الزراعي على ضوء الترخيص والثبوتيات عبر مرحلتين ولكل دونم 6 كيلوغرامات لكل دفعة غير كافٍ للفلاح نفسه، وسينعكس سلباً على إنتاج القمح المروي بصورة خاصة
خطط زراعية
وفي موازاة الشكاوى المُثارة حول آلية توزيع مخصصات السماد والمازوت للمزارع، تأتي تصريحات الاتحاد العام للفلاحين بأنها غير كافية كمحطّ جدل جديد من الاتحاد نفسه، والذي أكد على لسان رئيس مكتب الشؤون الزراعية محمد الخليف أن توزيع السماد يتم من قبل المصرف الزراعي على ضوء الترخيص والثبوتيات عبر مرحلتين، ولكل دونم 6 كيلو لكل دفعة، مؤكداً عدم كفايتها للفلاح نفسه، والذي بدوره سينعكس سلباً على إنتاج القمح المروي بصورة خاصة.
وفي تعقيب الخليف لـ”تشرين” على آلية توزيع بذار القمح، يعود ليؤكد تماشي عملية التوزيع مع الخطة الزراعية حسب الرُخص والمساحة المرخصة، والتي يتم بناءً عليها تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي في الأوقات المناسبة، وبما يفي بالمطلوب، إضافةً لوجود توسع بزراعة محصول القمح، نظراً لتوافر مساحات من الأراضي في جميع المحافظات، إلّا أنه وبالرغم من هذه المبادرات من قبل الاتحاد، لا تزال بعض المحافظات التي لم تُموّل من المصرف الزراعي يتم تمويلها ذاتياً، ما يشكل حسب تصريح الخليف تكلفة إضافية على الفلاح، الذي بات أمام هاجس ندرة المواد وضعف التوزيع.
منح مصرفية
ولأن ما يتم العمل به لدى الاتحاد قائم بشكل رئيس على دعم الفلاح وفق خطة القروض من المصرف الزراعي، والتي لاتزال شروطها لا تتناسب مع قدرات المزارعين كافة في رأي المُزارِع بسام الجزار، إضافة إلى المشكلات المتعلقة بتراخيص وشروط الآبار في مديرية حوض العاصي، ووجود عدد من الشركاء ممن يعملون على البئر نفسها، ما يعترض الكثير منهم متاعب تتعلق بتجديد التراخيص ومشكلات الوَرَثة على الأرض نفسها، التي تعوق أعمال الحصول على قروض المصرف، مشدداً على ضرورة تأمين طرق للري وسط شح الأمطار.
فيما تبقى آمال الاتحاد بتحسين أوضاع الفلاحين رهن تلبية متطلباتهم من البذار والسماد والمحروقات، ومنحهم القروض اللازمة تشكل أولوية في رأي رئيس مكتب الشؤون الزراعية للاتحاد محمد الخليف، إضافة لمنحهم وفق القرار الأخير كميات السماد سوبر فوسفات المتوفر في جميع فروع المصرف ولكل أنواع الزراعات من المحاصيل والخضار والأشجار المثمرة وفق جدول الاحتياج لكل فلاح.
متابعة مستمرة
تأتي هذه المشكلات في ظل تأكيدات وزارة الزراعة في تقرير سابق على لسان مدير الانتاج النباتي في الوزارة أحمد حيدر بدء استلام الفلاحين الدفعة الثانية من السماد الآزوتي لمحصول القمح من المصارف الزراعية، مبيناً ضرورة وجود مراقبة للحقول والتواصل مع الوحدات الإرشادية لمكافحة فأر الحقل.
الزراعة: التقرير تجاوز المساحات المزروعة بمحصول القمح حتى تاريخه 1211677 هكتاراً على كامل الأراضي القابلة للزراعة في سورية منها 562913 هكتاراً مروياً و648764 هكتاراً بعلاً بنسبة تنفيذ 89 في المئة من الخطة المقررة
وذكرت الوزارة في التقرير تجاوز المساحات المزروعة بمحصول القمح حتى تاريخه 1211677 هكتاراً على كامل الأراضي القابلة للزراعة في سورية، منها 562913 هكتاراً مروياً و 648764 هكتاراً بعلاً بنسبة تنفيذ 89 في المئة من الخطة المقررة، بينما بلغت المساحة الإجمالية المزروعة بمحصول الشعير حتى الآن 1160927 هكتاراً.
في حين بلغت كمية البذار الموزعة حتى الآن 53109 أطنان بذار قمح، وبأنه تمت زراعة 18523 هكتاراً بالمحاصيل الطبية والعطرية، منها 10461 هكتار كمون و820 هكتار يانسون و455 هكتار حبة البركة و6716 هكتار كزبرة و71 هكتار محاصيل مختلفة مثل شمرا وزعتر وحلبة ونعنع ووردة دمشقية وغيرها.
ووسط هذا الجدل الكبير بين مطالب الفلاحين وتطمينات الزراعة، لايزال انحباس الأمطار يشكل هاجساً يلاحق الفلاحين أمام صعوبة تأمين المحروقات اللازمة للإنتاج وفق المأمول.