بيوت الخبرة الصناعية

مما لا شك فيه أن أي اقتصاد يبحث عن مصادر قوة داعمة له تحقق له ديمومة الاستقرار، وهذه بطبيعة الحال تحتاج منظومة حماية تعزز هذا الاستقرار، وذلك من خلال تعدد مصادر الدخل، والتي تحمل في هويتها الأساسية تشكيلة اقتصادية تشمل جميع الأنشطة “الإنتاجية والخدمية المختلفة” والتي تؤسس لهذه القوة وتؤمن الحماية المطلوبة لقوة الاقتصاد ومنعها من التأثر قدر الإمكان من الهزات التي تحدث بين الحين والآخر، تارة بفعل فاعل, وأخرى بطبيعة الأسواق وما يحدث فيها من مضاربات وجشع حيتانها..!
وبالتالي هذه القوة الجميع يبحث عنها، ويسعى لتأمين مصادر دعمها من المكونات الإنتاجية، التي تسمح بتأمينها وتعزز من حسابات الديمومة، وهذه المسألة يسعى الجميع لتداركها، لأن الأزمات السابقة, والحالية علّمتنا الكثير من العِبر الاقتصادية, وضرورة الاستفادة منها، وإجراء عملية إسقاط مبرمجة على أرض الواقع بحسابات تشمل جميع جوانب الحياة الاقتصادية بكل مكوناتها, وفي مقدمتها المدن الصناعية التي تجمع كل الحالات الإنتاجية الداعمة لقوة الاقتصاد الوطني، والأهم أنها تشكل أيضاً بيوت خبرة صناعية متنوعة، تسهم في تعزيز القوة الإنتاجية الصناعية بكل مفرداتها السلعية، من دون أن ننسى الحالة الاجتماعية التي يفرضها “استقرار الأسر العاملة فيها”, وهذه مسألة لا تقل أهمية عن حالات الاستقرار الأخرى التي تؤمّنها المناطق والمدن الصناعية التي اعتمدت عليها الدول في توسيع دائرة النشاط الاستثماري والإنتاجي، وما تحمله من إجراءات وعوامل جاذبة للاستثمار, والأهم ما تؤمِّنه من عوامل حماية وبيئة عمل خاصة, وبنى تحتية مناسبة ومزايا وإعفاءات ضريبية وتشريعات مرنة، جميعها تفرض حالة الاستقرار وديمومة الإنتاج التي تؤمِّن القوة المطلوبة للاقتصاد الوطني وتحميه من “الهزات والخضات” الاقتصادية..
وهذه الحالة سعت إليها الحكومات المتعاقبة في بلدنا لتأسيسها بصورة تؤمِّن الحالة المتنوعة الداعمة للاقتصاد الوطني، من خلال المدن الصناعية التي رسمت واقعاً جديداً للصناعة الوطنية، سمحت من خلالها بتوفير البنى والبيئة المناسبة لتطوير الإنتاج والوصول به إلى مكون جديد، يرقى إلى مستوى يضاهي كبريات المدن الصناعية في العالم حاملة بيوت خبرة صناعية تضم أهم الكفاءات العلمية والإنتاجية والتي تحاكي كل تطور تفرضه الظروف وطبيعة الأحداث في سوق الإنتاج..
ونحن في مدننا الصناعية حققنا الكثير من هذه الإنجازات، لكننا مازلنا نفتقد لهذا المكون الهام في العمل، والمتمثل في بيوت الخبرة الصناعية التي تشكلها حالة المدن, وتجمعها في ميدان واحد، وعلى عاتقها مهمة البحث عن البدائل والتحديث في الفكر والعمل والأسلوب، ورسم الخطط الإستراتيجية التي تبنى عليها منافع مادية واقتصادية يعود ريعها لكافة الأطراف..
والسؤال هنا: هل تخرج مدننا الصناعية بهذا المكون وتجعله ممن يرسمون الخطط ورسم الإستراتيجيات أم تبقى مرهونة بأشخاصها وأولي الأمر فيها..؟!
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب