حمامات السوق الأثرية في مدينة اللاذقية بدلت “مصلحتها”.. والحمام الجديد هو الناجي الوحيد
تشرين-نهلة أبو تك:
كما هي حال معظم المحافظات السورية، اشتهرت اللاذقية بحماماتها ذات الطابع الأثري، فإلى جانب كل مسجد وخان كان يبنى حمام، خاصة أن اللاذقية كانت قديماً مركزاً لقوافل التجار والمسافرين، وكانت حمامات السوق مكاناً لاستراحة للتجار والمسافرين.
حكاية تاريخ
وقال المؤرخ والباحث التاريخي حيدر نعيسة ل”تشرين”: يعود بناء الحمامات الأثرية إلى العهد البيزنطي، والتي اندثر بعضها بشكل كامل، فيما تم تشييد حمامات أخرى خلال العهدين الأموي والمملوكي، ولاتزال قائمة حتى الآن، مدللاً بحمام البازار أو حمام العشر، الذي يقع غرب جامع البازار في مدينة اللاذقية، والذي أنشئ عام ١١٠١ ميلادي، وأصبح اليوم متجراً لبيع الشرقيات والتحف، وحمام القبة الذي أنشئ عام ١٢١٠ ميلادي وبني في العهد المملوكي ويقع في حي الكاملية بالمدينة والذي تحول إلى محل لبيع الألبسة، والحمام الجديد الذي بني عام١١٣٦ هجري في حي الصباغين، ولايزال حتى اليوم.
صعوبات المهنة
وقال أحد مستثمري حمام الجديد، هاني دباغ ل”تشرين”: هذا الحمام الأثري الوحيد الموجود في مدينة اللاذقية، والذي لايزال يستقبل الزبائن، مضيفاً: نستقبل الزبون في قسم “البراني” المخصص لخلع الملابس ووضع الأمانات في الخزانة الخاصة، ثم يزود المستحم بمنشفة كبيرة ليدخل إلى قسم “الجواني” حيث يجلس الزبون حتى يدفأ جسمه ويعرق وتفتح مسامات الجسم لتبدأ بعدها مرحلة التكييس على يد عامل في الحمام يسمى “المكيّس” يقوم بغسل الزبون وتدليك جسمه، ويوجد في “الجواني” مكان لتسخين الماء يسمى القميم يتم التسخين بالحطب أو الفحم، ليخرج بعدها إلى قسم “الوسطاني” وهو مكان معتدل فلايجوز خروج الزبون مباشرة من القسم الدافئ إلى البارد “البراني”.
ولفت دباغ إلى أنه بعد خروج الزبون إلى “البراني” بعد الحمام، يقوم بشرب المشروبات الساخنة، حيث يعتبر مكاناً اجتماعياً للتسلية بين الزبائن، مؤكداً أن عمله بالحمام ليس بالجديد فهو مهنة ورثها عن أبيه وجده.
وأضاف: على الرغم من متاعب المهنة وأنها لم تعد مربحة بسبب الأعباء المادية وحاجة الحمام إلى الصيانة الدائمة، فإنه يحرص على الاستمرار فيها، مطالباً بتقديم التسهيلات لأصحاب الحمامات الأثرية حفاظاً على استمراريتها.
عدم تغيير الطابع الأثري
بدوره، أكد مدير الآثار في اللاذقية الدكتور المهندس إبراهيم خيربك ل”تشرين” وجود ثلاثة حمامات أثرية في مدينة اللاذقية، حمام منها تحول لبيع الألبسة، وآخر لبيع التحف والشرقيات، فيما بقي الحمام الجديد على حاله، مؤكداً عدم إحداث أي تغيير بطابعها الأثري.
وأضاف: حمامات اللاذقية مثلها مثل الحمامات التراثية في سورية عامة، تعتبر إرثاً تاريخياً يجب المحافظة على القيمة التراثية لها، مبيناً أنه تم إحداث لجنة من قِبل محافظة اللاذقية تضم جهات معنية بالآثار والتراث الحضاري مهمتها المحافظة والإشراف على هذه الأماكن الأثرية ومنع التعدي أو إزالة صفتها الأثرية.
وأكد خير بك أنه في حال استدعت الضرورة إجراء أعمال إصلاح أو ترميم لهذه الحمامات الأثرية، فإن ذلك يتم وفق ضوابط مدروسة بقصد الحفاظ على طابعها العمراني الأثري.