ناقوس الخطر يدق
تسود منطقتنا منذ عدة أعوام حالة من شبه الجفاف نتيجة تراجع الهاطل المطري، إلا أن ضعفه الشديد حتى هذا الوقت من فصل الشتاء الحالي لا مثيل له منذ سنوات طويلة، وهو ما يبعث على القلق المتزايد ليس فيما يخص تأمين مياه الري الوافية للمحاصيل الزراعية التي يتصدرها محصول القمح الإستراتيجي فقط، بل ما يتعلق بتوفير مياه الشرب أيضاً.
لا يمكن اعتبار الجفاف وحده المعضلة، وإنما هناك مشكلة ليست بالهينة تتمثل بسوء استخدام المتوفر لدينا من مياه ولاسيما من جهة الآبار الزراعية المخالفة، حيث تم خلال السنوات الفائتة الحفر العشوائي للآلاف منها، وهما -مشكلتا الجفاف والآبار المخالفة- السبب الرئيسي بتحول عدد من الينابيع في فترات سابقة إلى موسمية تجف صيفاً وتنبعث شتاءً، ومن ثم وصول بعضها في أوقات لاحقة إلى حالة الجفاف الدائم.
لا شك أن تضرر محصول القمح وخاصةً البعل منه وتراجع إنتاجيته في حال استمر انحباس الأمطار -لا سمح الله- موجع لنا جميعاً في ظل ظروف الحصار الجائر التي نعيشها، لأنه يمس أساس لقمة عيشنا، ويبقى الأمل معقوداً على أن تبشرنا السماء بهطلات وفيرة في قادم الأيام تنعش القمح وباقي المحاصيل الرئيسية.
لكن الذي يعنينا أكثر هو مياه الشرب، وحال الهطلات المتدنية يتطلب منا دق ناقوس الخطر، إذ لا يعقل أن يستمر التمادي بحفر الآبار الزراعية العشوائية المخالفة، ولا يجوز بقاء تجاهل استنزافها الجائر لمخزون المياه الجوفي الذي انخفضت مناسيبه بشكل كبير لعدم تعويض الفاقد منه بفعل قلة الأمطار.
إن المسؤولية حيال ما يحدث، لا يجوز أن تكون ملقاة على عاتق الجهات العامة وحدها، وإنما هي مسؤولية مشتركة مع المجتمع المحلي، بمعنى أنه لا بد من تكاتف الجهود لوقف حفر أي آبار مخالفة جديدة وتقنين استهلاك القائم منها، وحتى منعه تماماً لتلك الموجودة في حرم الينابيع أو بالقرب من آبار مياه الشرب، وذلك قبل أن يباغتنا وقت تصبح فيه كأس مياه الشرب بالحسرة، فهل من استجابة تشفي الغليل أم ستبقى الغفلة ستارة اللامبالاة؟.