حمورابي وكي اليد
كان تقليداً موجوداً في حضارة وادي الرافدين، أن يرفع من يقسم يده اليمنى للأعلى أمام المحكمة، قبل أن يؤدي الشهادة المطلوبة منه، وخاصة في عهد الملك البابلي الشهير حمورابي، سادس ملوك بابل وحكمها من سنة 1792 ق.م إلى سنة 1750 ق.م ووصل عدد القوانين البابلية المكتوبة إلى 282 مادة، واستمر الحال إلى يومنا هذا في رفع اليد.
نصت إحدى تلك المواد المكتوبة بمسلته الشهيرة على: “عقوبة من يغش الحليب والعسل والزيت… بأن يُكوى باطن اليد اليمنى بقضيب معدني محمى على النار بشكل علامة (( × ))”
العلامة الفارقة في ظهورها على اليد، كانت كافية للتعرف على هذا الغشاش وأنه غير صادق في تعامله.
كم يد عاثت فساداً في الوطن بحاجة ليتم كيها من جديد، بعد أن خربت وباعت ضميرها للآخرين على حساب تراب الوطن الغالي، إضافة لما يتم تطبيقه من القوانين والأنظمة المنصوص عليها في قانون العقوبات.
ما الفرق بين من يطعن الوطن، ومن يتاجر بقوت الناس ويمارس الجشع والاحتكار من قبل بعض التجار؟
لا يوجد أي فرق بينهم، وبين أي إرهابي باع ضميره ووجدانه وأخلاقه لمن لا يزال يحاول النيل من صمود الوطن في مقاومته لقوى البغي والعدوان.
فأي جنس من البشر ذاك الذي يسكب المازوت في الأراضي الزراعية، ويحرم الكثير من العائلات من التدفئة.
وأي أخلاق يمتلكها شخص تم القبض عليه في محافظة ريف دمشق يحمل جهازين GPS بجيبه، ويتنقل بين السرافيس العاملة على خط التل، حيث كان يقوم بالنزول والصعود من سرفيس لآخر والسيارتين التابعتين للأجهزة المذكورة متوقفتين عن العمل على الخط.
هذا عدا ما تكشفه لنا الجهات المعنية بين الفينة والأخرى عن فساد في العديد من القطاعات، والتي كانت من نتائجها تحصيل الأموال للخزينة العامة، جراء ثبوت التهرب الضريبي لتلك الجهة، التي تواطأ معها بعض العاملين، لتبقى ضرائبهم طي النسيان، لحين تواجد من يملك الفطنة واليقظة والضمير الحي في حرصه على الأموال العامة.
إن مجمل تلك القضايا تجعلنا نطالب الجهات الرقابية بالمزيد من الرصد والدقة في رصد مختلف قضايا الفساد، وهو ما يتطلب أيضاً منا كمواطنين المحافظة على الممتلكات العامة وحمايتها من العابثين، وممن يتطاولون عليها أو يحاولون استغلالها، فالمسؤولية جماعية ولا تعفي أحداً، شريطة سرعة التجاوب من المعنيين في المعالجة، على أمل الوصول وتحقيق ذلك في قادمات الأيام.