ما مسوغات إصدار كتب نقدية عن تجارب أدبية محددة؟

تشرين – نضال بشارة:
ينتظر القرّاء عادة نقداً تطبيقياً لمجموعة تجارب سواء في الشعر أو في غيره من الفنون الأدبية، إلّا أن بعض النقاد يصدرون كتباً اختصت بتجربة أدباء محددين، “تشرين” توجهت إلى الناقدين: الدكتور هايل الطالب، والدكتور وليد العرفي، لمعرفة أسباب ما أصدراه من كتب اختصت بتجربة شعراء محددين، ولمعرفة مسوغاتهم، وهل لمثل هذه الكتب أي تأثيرات سلبية ؟
الارتقاء بالتجربة
الدكتور العرفي في جعبته كتابان نقديان، بعنوان “مرآة الشعر ستائر المعنى” عن تجربة الشاعر الدكتور ثائر زين الدين، وكتاب آخر بعنوان: (أطياف موشور الرؤية) مقاربات في شعر محمد سعيد العتيق، ود.العرفي عرفناه أولاً شاعراً وله في ذلك “يورق الحرف ياسميناً” و”رأيت خلفي جُثّتي”. حيث يستهل إجابته بالقول: “أعتقد أن الإبداع لا يُمكن له التحليق بعيداً إن لم يكن النقد دافعه في هذا التحليق، ومن هنا فإنَّ توجّه النقد الذي يتناول تجربة محددة لكاتب بعينه لها ما عليها، ولها ما لها؛ فمثل هذه الكتابة قد تكون في مصلحة الأدب والارتقاء بالتجربة الإبداعية كاملة من خلال تسليط الضوء على الأسلوب الفني، وتقنيات اللغة التي استخدمها المبدع في التعبير والتصوير، وهو ما يمكن أن يسهم بفاعلية في سبر تلك التجربة في مراحلها المختلفة، كما أن مثل هذا النقد يهتم في التجربة عمودياً وأفقياً عبر سيرورتها التاريخية والإبداعية، وهو ما يجعل لهذا التناول النقدي دوره المكمل لعملية الإبداع من حيث الحكم على تلك التجربة، ومراحل نضجها على المستويين الفني والجمالي، وهو أمر قد لا يظهر في التجربة النقدية التي تتناول الأعمال الأدبية المختلفة من خلال تسليط الضوء على بعض الظواهر الإبداعية التي قد يشترك فيها أكثر من مبدع، ومن هنا تبدو خصوصية النقد في تناول المبدع بصورة مفردة أفضل من تشتيت الجهد النقدي في تناول مجموعة من المبدعين تجمع بينهم بعض التعالقات الإبداعية.

أكثر جدوى
وفي ضوء ما سبق ماذا يرى الدكتور العرفي؟ حيث يقول هو الآخر: “أرى بأن النقد الذي يطول تجربة بعينها أكثر جدوى وفائدة من النقد الذي يتشعب في تسليط الضوء على أكثر من تجربة واحدة، شريطة أن يبتعد النقد الذي يتناول التجربة المفردة عن المغازلة، والهوى الشخصي، وأفضل تلك الكتابات التي تأتي من غير معرفة شخصية سابقة لمثل تلك الكتابة التي تأتي تعبيراً عن دافع القناعة الشخصية، لا عن ميل ونوازع الميل والهوى الشخصي، وأنا شخصياً عندما كتبت في هذا النقد وتناولت تجربتين شعريتين لم تكن لي معرفة سابقة شخصية بهما”.

النقدُ فعلٌ علميٌ
أما الدكتور هايل الطالب الذي أصدر ثلاثة كتب اهتمت بتجربة ثلاثة شعراء وهم نزار قباني، صقر عليشي، توفيق أحمد، فقال في البدء: لاشك في أن الفعل النقدي هو فعل علمي يستند على أسس ومنهجية للقراءة وبناءً على ذلك، فإن أي قراءة نقدية تستند إلى مسوغاتها التي تبررها بغض النظر عن المدونة التي تدرسها. ومن ناحية ثانية إن ما قدمته من محاولات لقراءة النص الإبداعي اعتمدت في بعض نواحيها على دراسة شاعر واحد مثل نزار قباني أو صقر عليشي أو توفيق أحمد وكانت مبررات القراءة هي صدور الأعمال الكاملة، بالإضافة إلى مبرر علمي نصّيّ ينطلق من دراسة النتاج الأدبي للأديب باعتباره نصاً. وقد حاولت في كتب أخرى دراسة عينات من الشعراء كما في كتابي ” في المتخيل الأدبي”، وكتاب “تحولات الدلالة في النص الشعري السوري”، وكتاب “فضاءات الجسور في الرواية العربية”. ولذلك يخالفنا الدكتور الطالب الرأي فيقول: لا أتفق معك في أن القرّاء ينتظرون نقداً تطبيقياً لمجموعة تجارب، فالقرّاء الحصيفون ينتظرون نقداً علمياً وموضوعياً وجمالياً، بغض النظر عن عدد التجارب المدروسة.

الكشف عن الجماليات
ويتابع الدكتور الطالب قائلاً: ولا أرى في ذلك أي تأثيرات سلبية، فالسلبية تكمن في إغفال دراسة المنتج الأدبي وإهماله، والكتاب الذي لا يُقرأ يموت. إن فعل القراءة هو فعل بث للحياة في المنتج الأدبي والتقاط جوانب معتمة وغير واضحة فيه والكشف عن جماليات الفعل الإبداعي، وأي قراءة تحقق ذلك فهي قراءة إيجابية ومن هنا لا تحضر سمة السلبية في فعل القراءة مطلقاً إلّا إذا كانت منطلقاتها غير موضوعية وفيها تزييف للقراءة عبر قول مجامل أو على غير دراية بأسس النقد والإبداع، ما عدا ذلك فإن لكل قراءة مبرراتها وهذا ما يشفع لها سواء تناولت كاتباً واحداً أو مجموعة كتّاب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد هل هي مصادفة أم أعمال مخطط لها بدقة «عائلة سيمبسون».. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس تطوير روبوتات لإيصال الأدوية عبر التسلل إلى دفاعات الجسم المكتبة الأهلية في قرية الجروية.. منارة ثقافية في ريف طرطوس بمبادرة أهلية الأسئلة تدور.. بين الدعم السلعي والدعم النقدي هل تفقد زراعة القمح الإستراتيجية مكانتها؟ نقص «اليود» في الجسم ينطوي على مخاطر كبيرة يُخرِج منظومة التحكيم المحلي من مصيدة المماطلة الشكلية ويفعِّل دور النظام القضائي الخاص.. التحكيم التجاري الدولي وسيلة للاندماج في الاقتصاد العالمي