لا تحتمل المجاملة!

هناك الكثير من الأمور والقضايا التي تمر بحياتنا اليومية نجامل بها, ونقدم فيها رأي جبر خاطر, أو “كرمى العيون”، وقد تكون من الأهمية بمكان لا تحمل هذه المجاملة, بقدر ما تحمل قول الحقيقة ولو كانت قاسية, أو فيها شيء من المرارة، لكن في كل الأحوال القضايا المصيرية، المجاملة فيها كثير من الخطورة، وجبر الخاطر يدمر أهله وخاصة لجهة القضايا المعيشية وتغيير الحال، كما يحدث في أمور الاقتصاد والزراعة والصناعة وخدمات البنية التحتية التي ترسم معالم اقتصاد وحاجة تغيير مفروضة للتغيير والتطوير نحو الأفضل، فكثير من القرارات في سابقات الأيام، وفي القريب جداً صدر الكثير من القرارات والتعاميم كانت تأخذ طابعاً فيه شيء من المجاملة، ولن أزيد في التفسير أكثر!
لكن الخطورة لا تحمل ارتدادات سلبية عامة، لأنها محصورة ببعض الفوائد الخاصة ولو غلب عليها الطابع العام في الإجراء و”هذه اعتدنا عليها” لكن الذي نريد الاعتياد عليه أن نبتعد عن المجاملة في القضايا المصيرية وخاصة في القطاعات الإنتاجية بكل جوانبها، واتخاذ الإجراءات التي تخرجنا من حالة الضيق إلى الفرج، وخاصة في القطاع الصناعي الذي يعول عليه الكثير في النجاح وتحمل أعباء مسؤوليات المرحلة القادمة، وهذا التعويل يحتاج لمعالجة تحديات كبيرة فرضتها سنوات الأزمة, إذ نجحت الحكومات المتعاقبة في معالجة بعضها قبل الأزمة، لكنها تفاقمت خلالها ومازالت, مع فرض واقع جديد، قسم كبير منه مدمر، وبعضه متوقف, والآخر يعمل “بطلوع الروح” نتيجة الحصار ونقص الإمكانات وهروب والكفاءات، والمشكلة أننا مازلنا نجامل فيها, ونطلق العيارات الثقيلة حول القدرة والمقدرة على التغيير، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة لقول الحقيقة، من دون مجاملة أو حتى الاختباء خلف الإصبع فيما نقول ونتخذ من إجراءات..!
فما نحن فيه من مشكلات وصعوبات وتحديات على صعيد العمل في كافة مواقعه يحتاج جملة من الإجراءات الفاعلة التي تكفل بناء قاعدة صناعية تعيد الألق لصناعتنا، ولسابق عهدها في أسواقنا المحلية والخارجية، واعتمادها على التقنيات المتطورة, والتكنولوجيا الحديثة، لتدعيم القدرات التنافسية والارتقاء بمواصفاتها إلى أعلى مستوى، وهذه تحتاج إلى قرارات جريئة تخلو من كل أسباب ومسوغات “المجاملة” وخاصة في المواقف التي تحتاج فيها معالجة فورية لواقع يفرض نفسه على الجسم الإنتاجي.
والمشكلة أننا حتى تاريخه ما زلنا نعاني من مضمون القرارات وحالتها الاستهدافية وحجم الفائدة منها، فأي قرار يصدر هناك مستفيدون، والعكس صحيح ما يفرض حالة من الانقسام حول ماهية القرار، وهنا ملعب المجاملات لأهل الفائدة والمنفعة ولو على حساب المصلحة الأوسع، وهذه الظاهرة مازالت تشكل خطورة كبيرة في معظم جوانب حياتنا الاقتصادية, لكن أخطرها في القطاعات الإنتاجية، والخلاص منها يحتاج لمعالجة أكثر من فورية فهل نلمس هذا في القريب العاجل الذي يحمل الكثير من المعالجات لعل المجاملة في العمل أولها؟!
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار