ثروات مهدورة!

اعتدت منذ سنوات قصد محلات “العطارة” لشراء حاجتي من النباتات العشبية، حيث كنت أخصص مبلغاً وأتوجه إلى سوق البزورية بدمشق، واليوم إلى سوق باب جنين بحلب أو السقطية في المدينة القديمة، وإن كانت هذه “الصنعة” تنتشر بكثافة في معظم أحياء مدينة حلب، في استعاضة اعتبرتها “موفقة” عن الأدوية ولاسيما بعد تحليق أسعارها عالياً، خاصة أن أرضنا تجود بمختلف أنواع هذه النباتات التي تشكل ثروة فعلية لم تستثمر بالشكل المطلوب، كما أنها لم تسلم من فخ التجار وألاعيبهم المعتادة، إذ شهدت هذه السلع كغيرها ارتفاعاً في أسعارها لكن تظل أرحم من غلاء الأدوية الكاوي.
إهمال استثمار “الذهب الأخضر” ليس وليد هذه الأيام العصيبة، فمنذ عقود ظلت هذه الثروة مهدورة من دون استثمار مجدٍ ينعكس بالخير على الخزينة وفلاحينا، علماً أن بعض أصناف النباتات العطرية والعشبية وصلت إلى 30 دولة، لكنها كانت تصدر “دوغما” كالعادة من دون تحقيق قيمة مضافة، مع عدم الاهتمام بالتغليف والتوضيب، وتدوين “صنع في سورية” على المنتجات المصدرة، ما ترك الباب مشرّعاً لاستفادة دول أخرى من مزايا هذه النباتات وضياع أموال طائلة كان اقتصادنا أولى بها، وتلافي ذلك يستوجب تقديم الدعم اللازم للمزارعين ومنح التسهيلات الضرورية لإقامة مشاريع استثمارية وخاصة مع تأكيد أصحاب الكار والكراسي المستمر على ربحيتها.
الاستثمار المجدي للنباتات العشبية والعطرية لا يحتاج مؤتمرات واجتماعات مطولة، والمطلوب اليوم وضع خريطة عمل مدعومة بأرقام ترصد المساحات المزروعة لكل صنف ومزاياه النسبية ومعرفة كيفية توظيفها في التصنيع الغذائي أو الطبي، فهناك 300 نوع يزرع في أرضنا، ولا يقل بعضها أهمية عن الكمون واليانسون وحبة البركة والكزبرة والشمرة والوردة الشامية المشمولة بعناية وزارة الزراعة التي لا يقع على عاتقها وحدها مسؤولية تطوير إنتاج وتسويق هذه المنتجات، فالمفروض التعاون مع القطاع الخاص لاستثمار فاعل بعد وضع آليات واضحة في الإنتاج والتسويق والتصدير بعيداً عن العشوائية في إدارة ملف النباتات العطرية والعشبية، ومنح فلاحيها تسهيلات للتوسع في الإنتاج وتطوير آليات تسويقها عبر قروض ميسرة مثلاً وتشجيعهم على إقامة مشاريع تشاركية مع مستثمرين يرغبون بتوظيف أموالهم بهذا المجال بدل ترك هذه الثروة تصدّر خاماً أو تباع في “دكاكين” العطارة، التي لا ضيرَ من بقائها كمنافذ تسويقية، لكن في المقابل يتوجب إيجاد حلقات وساطة حكومية تمنع استغلال الفلاحين من التجار الذين يقطفون الثمار كالعادة، فهل سنجد طرقاً فاعلة قريباً تضمن استثماراً رابحاً لذهبنا الأخضر أم إن ثرواته ستبقى مهدورة ،حالها كحال أغلب منتجاتنا الزراعية ذات المزايا النسبية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ميداليتان فضّيتان وبرونزية لسورية في الأولمبياد العالمي للكيمياء ينسجم مع تاريخ الصهيونية في انتهاك الحرمات.. وزير الأوقاف: الإساءة للسيد المسيح في حفل افتتاح أولمبياد باريس هي إساءة لكل الأنبياء والمعتقدات الأمين العام المساعد لحزب البعث : أبناء قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية، كانوا وسيبقون رجال المواقف الأشداء الذين يقهرون الاحتلال الرئيس بزشكيان للوفد السوري المشارك في مراسم تنصيبه: أهمية التركيز على تطوير العلاقات في كل المجالات والارتقاء بها إلى مستوى العلاقات السياسية اتفاقية تعاون بين اتحادي الجمعيات الخيرية في دمشق وريفها وحلب.. الوزير المنجد: نسعى إلى تعزيز مبدأ التشاركية مع المنظمات غير الحكومية وبناء قاعدة معرفية أهلنا في الجولان يرفضون المواقف التحريضية ومحاولة استغلال اسم مجدل شمس كمنبر سياسي على حساب دماء الأطفال سورية تحيي الموقف البطولي لأهلنا في الجولان المحتل ورفضهم زيارة مجرمي الاحتلال وآخرهم نتنياهو لمجدل شمس وفد سورية برئاسة المهندس عرنوس يصل طهران للمشاركة في مراسم تنصيب بزشكيان مجلس الشعب يدين الجريمة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أهالي مجدل شمس مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2024 ينطلق في دمشق.. نحو "اقتصاد وطني قائم على المعرفة" و استدراك مدروس للفجوات  التنموية