رغم إنتاج 100 ألف طن.. اشتعال أسعار زيت الزيتون أثار حيرة المستهلكين
وهو ما أثار حيرة المواطنين المستهلكين من أصحاب الدخل المحدود والعائلات الفقيرة، ليس لأن زيت الزيتون منتج أساسي من منتجات البلاد التي تحتل المرتبة الثامنة عالمياً في هذا المضمار، ما يعني منطقياً ضرورة توفر هذه المادة بكميات كبيرة في السوق وبأسعار في متناول أصحاب الدخل الضعيف، بل لأن العام تعرض “للمعاومة” وغيرها من الأمراض أيضاً وهو عامل كان من المفروض أن يدفع الأسعار في اتجاه الانخفاض.
يقول خبير الزيت والزيتون ومدير سابق لمكتب الزيتون المهندس محمد كرابيج: أسعار زيت الزيتون لها علاقة بحركة الأسعار وحسب كميات الإنتاج والطلب، لكن الأسعار لم ترتفع كثيراً على حد تعبيره ففي إسبانيا وإيطاليا أهم المنتجين في العالم وسطياً حولي 3 يورو للكيلو غرام من الزيت يعني تعادل الأسعار في سورية وإذا حسبت بالليرة السورية فتكون صفيحة الزيت بــ 225 الف ليره وعندنا كذلك تقريباً.
وقال كرابيج قبل الأزمة وفي سنوات الأزمة الأولى كان السعر للصفيحة بين 2500 و3000 أي ما يعادل 50 أو 60 دولاراً وهذا سعرها الحالي.
أما عن الإنتاج في هذا الموسم قال كرابيج: لقد كان منخفضاً إذ قدر الإنتاج بحوالي 600 ألف طن زيتون يذهب منها حوالي 100 ألف طن لتحضير زيتون المائدة والباقي وهو 500 ألف طن يذهب لاستخلاص الزيت وينتج عنها حوالي 100 ألف طن زيت، منوهاً بأن قسماً كبيراً من الإنتاج في إدلب وعفرين هو خارج سيطرة الدولة السورية، يذهب معظمه إلى تركيا ليتم تصديره إلى الدول الأخرى معبأ أو من دون تعبئة “دوكما” من هناك بواسطة تجار سوريين وأتراك.
وقدر كرابيج حاجات الاستهلاك المحلي من زيت الزيتون بحوالي 50 إلى 60 ألف طن في السنة.
وأشار إلى أن سورية كانت قبل الأزمة تحتل الموقع الرابع أو الخامس عالمياً والموقع الأول أو الثاني عربياً في إنتاج الزيتون والزيت وتراجعت إلى الموقع الثامن عالمياً والثالث عربياً.
ولفت إلى أن إنتاج سورية كان يشكل 5% وأصبح اليوم 2% من الإنتاج العالمي وحصل هذا التراجع بسبب الأزمة والحرب من جهة وبسبب السياسات الزراعية والإهمال لهذا القطاع، وخاصة بعدما هجر الكثير من الفلاحين أشجارهم وبقيت مهملة من دون خدمات عرضة لعبث العابثين، وقطعت وأحرقت الكثير من الأشجار لأسباب مختلفة كالاحتطاب أو الانتقام من أصحابها وغير ذلك.
إلى ذلك أشار معاون مدير زراعة إدلب المهندس محمد نور طكو إلى أن محافظة إدلب تسهم في ثلث الإنتاج الإجمالي لسورية من زيت الزيتون وقدر إنتاجها لهذا الموسم بــ 102 ألف طن من ثمار الزيتون و27954 طناً إنتاج المناطق المحررة في ريف المحافظة.
وأشار إلى أن المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في المحافظة حوالي 128 ألف هكتار وأن عدد أشجار الزيتون 13 مليون شجرة، وقدر طكو عدد الأشجار المتضررة نتيجة الحرائق والقطع الجائر بــ 122500 شجرة (تضرر جزئي وكلي).
وعزا طكو انخفاض الإنتاج خلال العام الحالي في المحافظة إلى وجود أشجار غير مثمرة نهائياً معتبراً أن الإنتاج للعام الحالي كان قريباً إلى حد كبير من إنتاج العام الماضي مشيراً إلى أن ظاهرة المعاومة تعمل على توازن الإنتاج بين عام وآخر، إذ إن الأشجار التي لم تحمل الثمار في العام الماضي تكون قد حملت خلال الموسم الحالي والعكس مؤكداً دور ذلك في رفع نسبة الإنتاج.
إلى ذلك دعا مزارعون ومهتمون بقطاع زيت الزيتون إلى وضع إستراتيجية متكاملة لتطوير هذا القطاع ومعالجة همومه ومشاكله، وقالوا إن ارتفاع أسعار زيت الزيتون مشكلة رئيسية أمام هذا القطاع حيث سجلت أسعار بيع زيت والتي تحكمها معادلة الطلب والعرض ارتفاعاً كبيراً، وعزا أسباب هذا الارتفاع إلى تراجع هذه الزراعة بسبب الحرب وارتفاع أجور اليد العاملة وعدم توفر المحروقات التي تباع بأسعار السوق السوداء وخروج مساحات واسعة من الإنتاج وغير ذلك.
ودعا صباح السعدون صاحب مزرعة زيتون إلى تحديد أسعار بيع زيت الزيتون بما يتناسب وتكلفة الإنتاج وعدم ترك الأسعار بيد التجار لمواجهة ما يتعرض له أصحاب مزارع الزيتون من خسائر يقف خلفها سماسرة وتجار السوق السوداء، الأمر وصل ببعض المزارعين إلى عدم قطاف كميات الزيتون المتواضعة لديه كون تكلفة العمل لا تتناسب مع النتائج.