المقداد: سورية هي من أكثر الدول التي خبرت الغرب ونفاقه ..والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يتخليا يوماً عن السياسة العدوانية والتوسعية تجاه روسيا والصين

أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن الحصار الذي تواجهه سورية لم يحدث في تاريخ هذا العالم، مشيراً إلى أنه لو وجد الغرب لقمة في فم طفل في سورية أو الهند أو في إفريقيا لانتزعها ووضعها في فم طفل غربي، هذا هو الغرب وها نحن الآن أمام هذه المعضلة.
وخلال لقاء حواري اليوم بعنوان” من البوابة الأوكرانية تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن الدولي” وموقف الجمهورية العربية السورية ورؤيتها السياسية والميدانية قال المقداد: “في معرفة التاريخ تكمن معرفة الحقيقة لكل أزمة والكشف عن دوافع الأطراف المنخرطة فيها، الخفي منها والمعلن، وحين نتحدث عن الدوافع الخفية تحديداً يتضح الفارق الأخلاقي والقانوني والسياسي الشاسع بين الغرب ممثلاً بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والشرق ممثلاً بقوى بارزة في مقدمتها روسيا والصين”.
وأوضح الوزير المقداد أن سورية هي من أكثر الدول التي خبرت الغرب ونفاقه، مشيراً إلى أن هذا الغرب لا يجد غضاضة في الجمع بين شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبين ممارسات الاحتلال والعدوان ودعم الاحتلال والتهديد باستخدام القوة والتوسع، وتسخير الإرهاب والسلاح والحصار الاقتصادي وفرض النفوذ السياسي على أراضي بعض الدول وعلى حكوماتها من أجل نشر الفوضى وتهديد الأمن والسلم في أي مكان لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية خاصة، ولا يمكن أن تحمل خيراً وأماناً ورفاهاً لعالمنا وشعوبنا.
وحول ما يجري في أوكرانيا أشار المقداد إلى أن من يقرأ التاريخ والجغرافيا بين روسيا وأوكرانيا سيصل إلى قناعة بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يتخليا يوماً عن السياسة العدوانية والتوسعية تجاه روسيا والصين وكل الدول التي لا تخضع للهيمنة الغربية، موضحاً أن الغرب كان يعمل منذ تفكك الاتحاد السوفيتي إلى استهداف عوامل الأمن والاستقرار في أوراسيا، وطمس اعتبارات الجغرافيا السياسية، للسيطرة على الثروات وحصار وإضعاف كل دولة مستقلة وقوية لا تخضع للهيمنة الأمريكية على العالم.
وقال الدكتور المقداد إن الغرب يسعى لاستغلال الآلة الإعلامية الموجهة للترويج لرواية وتبسيط ساذجين حول عوامل الأزمة الحالية، بهدف تقزيم الصورة الحقيقة والأوسع لها، مشيراً إلى أن هذه الآلة الإعلامية باتت مجرد بوق تحريضي يصب الزيت على النار إذ تزعم هذه الآلة الإعلامية كاذبة بأن روسيا لها أطماع متجذرة في الأرض الأوكرانية، وأن موسكو تريد احتكار “حق مزعوم” لكييف في الالتحاق بالديمقراطية الغربية والانضمام لحلف شمال الأطلسي، بل وتتهم روسيا بكل وقاحة بأنها هي من تتمدد في المنطقة لتصل إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وأضاف المقداد أنه في المحصلة هناك في واشنطن وبروكسل من يريد أن تتخلى موسكو عن مصالحها الوطنية العليا وأمنها وقوتها ومركزها كقوة ثقل سياسي واقتصادي وعسكري إيجابي في العالم، وهناك من يريد من موسكو اليوم ومن بكين غداً أن تتخلى عن رؤيتها نحو عالم متعدد الأقطاب وأن تسلِّم بحقيقة وجود قطب واحد في واشنطن يحرك العالم كما يشاء.
وتابع المقداد أنه لا أحد اليوم مقتنع بوجود موقف أوروبي موحد تجاه الأزمة الحالية والعديد من دول الاتحاد الأوروبي كان يريد تجنب الصدام، ومقتنع ضمنياً أن القارة الأوروبية ستكون الخاسر الأكبر في حال تصاعدت المواجهة مع روسيا لكن هذه القناعات لم تكن مدعومة بجهود وسياسة جديتين من قبل الاتحاد الأوروبي.
وقال المقداد بطبيعة الحال حين نتحدث عن الخسائر التي سيتكبدها الاتحاد الأوروبي نتيجة تورطه في مواجهة غير منطقية مع روسيا بعيدة المدى ترتبط بموقع الاتحاد عالمياً وبالوضع الأمني والسياسي والاجتماعي في القارة الأوروبية وأمن منطقة المتوسط بأسرها.
وأضاف المقداد: نحن نعتقد أن الأصدقاء في موسكو مارسوا منذ اللحظات الأولى لوصول الإدارة الأمريكية الديمقراطية إلى البيت الأبيض سياسة منفتحة وبناءة بل ضبطوا النفس طويلاً في مواجهة العقوبات الاقتصادية التي ارتفعت وتيرتها خلال العام الماضي وكان الأصدقاء والحلفاء في موسكو حازمين وواضحين في رسائلهم إلى الغرب، حيث أكدت القيادة الروسية أن ما يفعله الناتو في شرق أوروبا يخرق الاتفاقات والتفاهمات السابقة ويضرب مبدأ حسن الجوار في الصميم بل ويرقى إلى مستوى العدوان وتهديد أمن روسيا وحلفائها.

وقال وزير الخارجية : إذا أردنا التعليق على ما جرى في اليومين الماضيين وعن الواقع الذي تعيشه الأمم المتحدة اليوم أستطيع القول إنه يخضع بكل أسف إلى اعتبارات غير مهنية وغير متوازنة ولا يزال رهن الاستقطاب السياسي والمالي الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها مستغلين نفوذهم الاقتصادي والسياسي والعسكري . وتساءل المقداد :أين نحن في سورية مما يجري وهنا ترتبط الإجابة بالمعركة التي نخوضها نحن والحلفاء في روسيا الاتحادية ضد الإرهاب وداعميه على الأرض السورية كما ترتبط بمستوى العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية المتينة بين البلدين والحوار والتنسيق الاستراتيجي القائم والمستمر بين القيادتين في دمشق وموسكو، موضحاً أن هذا يعيدنا من جديد إلى ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد للرئيس فلاديمير بوتين خلال المحادثة الهاتفية التي جرت يوم الجمعة الماضي وعلى أن ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة التوازن إلى العالم ودفاع عن العالم وعن مبادئ العدالة والإنسانية، مشيراً إلى أننا في سورية وكما قال السيد الرئيس نقف مع روسيا الاتحادية انطلاقاً من قناعتها بصوابية موقفها ولأن مواجهة توسع الناتو هو حق لروسيا باعتباره أصبح خطراً شاملاً على العالم وتحول إلى أداة لتحقيق السياسات غير المسؤولة للدول الغربية لضرب الاستقرار في العالم.
وختم المقداد بالقول:لا تزال سورية تشهد تدخلاً عسكرياَ عدوانياً مما يسمى التحالف الدولي الذي تقوده قوات الاحتلال الأمريكي ولا تزال تشهد عدواناً واحتلالاً تركياً لجزء من أرضنا ورعاية للإرهاب في إدلب ومحيطها وفي شمال البلاد، ولا تزال سورية تتعرض لحملة عدوانية شرسةٍ من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تتمثل في أقصى حصار اقتصادي يتعرض له شعب من شعوب العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار