حلفاء وفي الخندق نفسه
لم يصل العالم الى اللحظة الراهنة من فراغ .
إذ لطالما عاش في اتون محاولات الهيمنة الأمريكية والتحكم الأحادي الجانب في القرار الدولي .
هذه الحالة لم تكن لتروق للدول الساعية إلى نظام دولي تسوده شرعة الأمم المتحدة ويقوم على تعدد الثقافات والأقطاب لأن في ذلك مصلحة عالمية .
لكن أمريكا ترفض ذلك ما أدى إلى تنافس وصراع الفواعل الأكثر تأثيراً في هذا النظام الدولي في ظل تنامي صعود الصين، وإصرار روسيا على دخول ذلك التنافس كونها قوة عظمى .
وأمام إصرار واشنطن وتأجيجها بؤر التوتر في محاولة للتضيق على خصومها ، كان لابد من الوصول بعد عقود إلى اللحظة الراهنة .
فواشنطن تصر على الحفاظ على الوضع القائم لصالح الأحادية الأمريكية، أما بكين وموسكو فتسعيان لإعادة توازن القوى لصالح تعدد الأقطاب، وهذا قد أدخل العالم في تأرجح بتوازن القوى، الذي بات يشكل المرحلة الفاصلة بتحول النظام الدولي. وهذه المرحلة الحساسة أدخلت المهتم بالشأن العالمي في خضم ترقب مخيف حول مرحلتين: الأولى: المرحلة الحالية كيف ستكون؟ إذ تعد هذه المرحلة الفاصلة في الانتقال إلى نظامٍ دوليٍ جديد. أما الثانية، النظام المُقبل فما هو شكله؟
ما يجري اليوم على غير ساحة دولية ،في أوكرانيا وسورية وغيرهما هو إرهاص لولادة عالم جديد .سورية وروسيا اليوم في خندق واحد وقد خبرا عبر عقد من الزمن ما يحاك في الدوائر الغربية السوداء للبلدين .
بمعنى آخر كما أكد الرئيس بشار الأسد خلال الاتصال مع الرئيس فلاديمير بوتين أن ما يحصل اليوم هو تصحيحٌ للتاريخ وإعادةٌ للتوازن المفقود بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
إنّ الهستيريا الغربية التي تجلت إزاء العملية الروسية في دونباس وقبل ذلك في التأجيج ضد سورية إنما تأتي من أجل إبقاء التاريخ والحاضر في المكان الخاطئ لصالح الفوضى التي لا يسعى إليها إلا الخارجون عن القانون. وكما دافعت سورية نيابة عن العالم ضد الإرهاب تدافع روسيا اليوم عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية.
إنّ الدول الغربية تتحمل مسؤولية الفوضى والدماء نتيجة سياساتها التي تهدف للسيطرة على الشعوب..
سورية وروسيا في خندق واحد انطلاقاً من قناعات مشتركة ومصير مشترك .
ولن يطول الوقت لتكتب سورية وروسيا وحلفاؤهما و أصدقاؤهما درساً للعالم بأن الدول لا تكون “عظمى ” بغطرستها وإنما باحترام القانون الدولي، لتكون المثل الأعلى للإنسانية.