تبريرات ناقصة وتضخم منفلت والمعاناة تتفاقم
يستمر التضخم ويزيد حجمه على حساب قدرة المواطن المعيشية و تزداد المعاناة و قساوة الحياة مع قدوم الشتاء و بدء البرد في ظل وضع مأساوي لسوريي الداخل والشتات وفي ظل استمرار الجدالات و ارتفاع الأصوات المنددة وحتى ممن كانوا للمدح والمحاباة و تخوين المختلف عنوان.
وما زالت وزارة حماية المستهلك تتصدر الإعلام وسط امتعاض ومعاناة المواطنين عبر ما توفره من بعض المواد والتي تسمى (مدعومة) وكل يوم فكرة ، وآخرها فصل التسجيل على المواد لتصبح فرادى و يسخّر المواطن الوقت والجهد للحصول عليها وهي لا تشكل جزئيات من احتياجاته وما زالت الوزارة تلحق السوق و تفرض أسعاراً تساعد التجار وأحياناً أغلى من السوق وما زالت تبريرات تمرير القرارات غير مقنعة و مثبطة و ذات تأثير سلبي على المواطن الذي علمته الحرب و زادت خبرته و معارفه مع معاناته بالتزامن مع تصريحات و تبريرات وزارة المالية و الكلام المخدر المنوم والذي تعود عليه الأغلبية والذي يجعل فجوة عدم الثقة تزداد بين المواطن والحكومة ، كيف لا وهو يسمع تلميعاً لضبابية أو سوداوية وسط فوضى أسعار و تضخم منفلت وأجور لا تسد رمقاً صغيراً و ألماً و عالماً متربصاً للولوج عبر الثغرات وهو ما جعل الحكومة تشكل لجنة مؤلفة من عدة معاوني وزراء وبرئاسة معاون وزير الإعلام الغاية منها التعاون و التكامل لمحاولة التهيئة و تلطيف الأجواء وتهيئة البيئة لتمرير القرارات و حسب رؤيتنا كان لجدالات وتصريحات ومغالطات وزارة حماية المستهلك الدور الأكبر للجوء لهذه اللجنة، وكيف لا وقد سخنت الأجواء و أقلقت و خربطت وخاصة بما يخص ما يسمى إيصال الدعم لمستحقيه و الإعلان عن الشرائح المستهدفة و هو ما خلق جدالات و شحن الأجواء، منهم من يستند للواقع ومنهم للدستور وليأخذ هذا الموضوع أغلب الأوقات و ليتزامن مع فوضى أسعار وتضخيم و يترافق مع ركود تضخمي كبير ومعاناة ألم من فقر وجوع وفاقة تصيب أغلب المواطنين وخاصة أصحاب الأجور والرواتب الحكومية والقطاع الخاص.
وعاد أغلب الأكاديمين والباحثين والمختصين و متسلقي الاختصاص ليذكروا بوصفات البنك الدولي البعيدة عن خصوصية الدول، والحديث عن رفع الدعم بدأ في 2007 ولو بقبعات جديدة ..
فمن المؤكد أن عدم الخوض بالتضخم المخيف لا يعني عدم وجوده وتجاوزه حدود تحمل المواطن و صحية الظروف والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية فمؤشرات التضخم هي نسبة مئوية لسلسلة الاحتياجات الضرورية للجسم من سلة غذائية” 2400 سعرة حرارية” متكاملة متوازنة بالإضافة إلى اللباس والتعليم والصحة وأجور النقل والتدفئة وتكاليف السكن وغيرها وفي ظروف الحرب المعقدة و الثغرات زادت تكلفة الغذاء لتصل لحوالي 60 بالمئة من هذه الاحتياجات و لكنها زادت نظراً لفوضى الأسعار والذي وضعت قوانين لضبطها ولكنها نامت في الأدراج كفرصة أخيرة ، وكيف لا و الظروف مهيئة و الكل منضبط ،هذا التنويم ترافق ببرمجة الشعب إنفاقه على الضرورات القصوى، واليوم الجزء الأكبر من الشعب لا يصل إلى نصف 2400 سعرة من تلك السلة الغذائية وكلنا يعلم قبل الحرب أن 5 أشخاص كانوا بحاجة 30 ألف شهرياً من غذاء ولباس و مسكن ونقل، أما الآن فهم بحاجة إلى مليون ونصف ليرة وأكثر ليكونوا على حدود ما يسمى الطبقة الوسطى المندثرة، وكيف لا ؟ فالتضخم منفلت ولا توجد محاولات لضبطه وتخفيفه، رغم غياب الأرقام الرسمية لكن المواطن يشعر به، فوضى عارمة بلا ضوابط فقط عقوبات منتقاة بغية وضع الرماد في العيون لا تحمل أهدافاً وغايات وعدم وضع حد لهذا التضخم.
وكلنا يعلم أن البنك الدولي يفرض وصفات على الدول تتضمن “ما يسمى رفع الدعم، التقشف، والخصخصة رفع الضرائب والرسوم و حرية التجارة و إضعاف سيطرة الحكومات وقيادة الاقتصاد تحت ما يسمى وصفات ليبرالية تكون وهذه الوصفات بعيدة عن خصوصيات البلدان ولا تراعي ظروفها فالبنى الاجتماعية والاقتصادية تختلف من دولة لأخرى ومؤشرات التنمية ومراحلها ،بل الأخطر على هذه الوصفات الاحتكار و منع التنافسية والتشاركية.
وضمن هذا السياق بدأ الحديث عن رفع الدعم بدأ منذ 2007، علما بأن مؤشرات تلك الفترة تختلف عنها الآن، حيث كنا نموذجاً يتفوق على كل الدول المحيطة، فميزان تجاري رابح، احتياطي نقدي 25 مليار دولار، والبنى التحتية كانت تضاهي الدول الغنية وتماسك وتمازج اجتماعي
وهذه الوصفات هي أدوات البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، لتقوم بحرب بالنيابة عن الإمبريالية للتحكم باقتصاد كل الدول.
– الظروف الحالية غير ظروف 2007 حين كان هناك حديث عن رفع الدعم، والآن نعاني ندرة الموارد وحاجة للتقنين وتخفيض الطلب، و لكن التصريحات وأساليب وظروف التطبيق والخوض الإعلامي بها تستفز المواطن وهناك ضعف بتنفيذ الإجراءات الحكومية.
مؤكد أن الظروف صعبة ولكن ضمناً هناك ثغرات وتباطؤ و تجزئة والكل يسأل أين الإجراءات المقابلة لسد الفجوة المعيشية، و يتساءل قد تكون بعض الحاجات صحيحة و ضرورية ولكن ليس في هذا التوقيت..
زيادة الأجور و زيادة المساعدات وعدالة توزيعها وزيادة دور المنظمات والنقابات وعودته ببعض المزايا و العطاءات المتممة وكذلك الأحزاب كجسر للتعيينات والمراقبة والمتابعة أصبحت ضرورة حتمية.
وليعلم الحميع أن دماء الشهداء وتضحيات وإنجازات المؤسسة العسكرية وصبر وصمود من اختار البقاء لن يقبل أن تذهب هباء أو ضحية أهواء شخصية و تفردات و أحلاماً غير واقعية..